للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحدة، ومالك لا يرى التعوّذ في الصلاة المفروضة، ويراه في قيام رمضان بعد القراءة. انتهى. وفي «الخازن» دليل الوجوب ظاهر قوله تعالى: {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ}، والأمر للوجوب، وأنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم واظب على التعوذ فيكون واجبا. ودليل الجمهور: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يعلّم الأعرابيّ الاستعاذة في جملة أعمال الصلاة، وتأخير البيان عن وقته غير جائز. وأجابوا عن قوله تعالى: {فَاسْتَعِذْ} بأنّ معناه عند جماهير العلماء: إذا أردت القراءة فاستعذ، كقوله: {إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا} معناه: إذا أردتم القيام إلى الصلاة. وأجابوا أيضا، عن مواظبة النبي صلّى الله عليه وسلّم: بأنّه صلّى الله عليه وسلّم واظب على أشياء كثيرة من أفعال الصلاة ليست بواجبة، كتكبيرات الانتقالات والتسبيحات في الصلاة، فكان التعوّذ مثلها، وأجمع العلماء قاطبة على أنّ التعوذ ليس من القرآن ولا آية منه.

والثالث في وقتها: وأمّا وقتها: فهو قبل القراءة عند الجمهور، سواء كان في الصلاة أو خارجها. وحكي عن النخعيّ: أنّه بعد القراءة؛ لظاهر قوله تعالى:

{فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} أي: إذا فرغت من قراءة القرآن فاستعذ بالله، وهو قول داود وإحدى الروايتين عن ابن سيرين. حجة (١) الجمهور: ما روي عن أبي سعيد الخدري قال: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا قام إلى الصلاة بالليل كبّر ثمّ يقول:

«سبحانك اللهمّ وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدّك ولا إله غيرك»، ثمّ يقول:

«لا إله إلّا الله ثلاثا»، ثمّ يقول: «الله أكبر كبيرا ثلاثا، أعوذ بالله السميع العليم؟

من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه». همزه: وسوسته. نفخه: كبره. نفثه:

شعره. رواه أبو داود. وهذا الحديث: نصّ في أنّ التعوذ قبل القراءة.

والرابع في معناها: وأما معناها: فالاستعاذة لغة: الالتجاء إلى الغير والاعتصام به، وشرعا: الالتجاء إلى الله والالتصاق بجانبه من شرّ كل ذي شرّ، انتهى من «الخازن» و «ابن كثير» بتصرف. وقال ابن كثير: ومعنى: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) أي: أستجير (٢) بجناب الله من الشيطان الرجيم أن يضرّني في


(١) الخازن.
(٢) ابن كثير.