للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وناقة مشياط الّتي يطير فيها السمن، واشتاط إذا هلك. قال الأعشى:

قد نخضب العير من مكنون فائله ... وقد يشيط على أرماحنا البطل

أي: يهلك. ويردّ على صاحب هذا القول: أنّ سيبويه حكى أنّ العرب تقول: تشيطن فلان إذا فعل أفعال الشياطين، فهذا بيّن أنّه تفيعل من شطن، ولو كان من شاط لقالوا: تشيّط، ويردّ عليه أيضا بيت أمية بن أبي الصلت:

أيّما شاطن عصاه عكاه ... ورماه في السجن والأغلال

فهذا شاطن من شطن لا شكّ. والظاهر: أنّ المراد بالشيطان إبليس وأعوانه، وقيل: عام في كلّ متمرد عات مضلّ عن الجادّة المستقيمة من جنّ وإنس، كما قال تعالى: {شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ}.

(الرجيم)؛ أي (١): المرميّ من السموات بإلقاء الملائكة حين لعن. أي:

المرميّ بشهب السماء إذا قصدها، وهذه صفة للشيطان، وله في القرآن أسماء مشؤومة وصفات مذمومة، فأجمع مساويه هو الرجيم؛ لأنه جامع لجميع ما يقع عليه من العقوبات، فلذلك خصّ به الابتداء من بين تلك الأسماء والصفات.

وفي القرطبي: (الرجيم) أي: المبعد (٢) من الخير، المهان، وأصل الرجم:

الرمي بالحجارة، وقد رجمته أرجمه فهو رجيم ومرجوم، والرّجم: القتل واللّعن والطرد والشتم، وقد قيل: هذا كلّه في قوله تعالى: {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ} وقول أبي إبراهيم: {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ}. وسيأتي إن شاء الله تعالى، انتهى. وعلى ما قاله القرطبي: يكون الرجيم صفة كاشفة للشيطان، ويحتمل كونه مؤسّسة، وعلى كلّ من هذه المعاني: فالرجيم فعيل إما بمعنى:

فاعل؛ لأنّه يرجم بالوسوسة والشرّ، أو بمعنى: مفعول أي: مرجوم بمعنى:

مطرود عن الرحمة وعن الخيرات وعن منازل الملأ الأعلى، أو مرجوم بالشّهب عند استراق السمع أو مرجوم بالعذاب.


(١) روح البيان.
(٢) القرطبي.