يدخل الوهن في قلوب المؤمنين، ثم توالت الآيات الكريمة في بيان الوقائع والعبر من غزوة أحد.
قوله تعالى:{قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ ...} مناسبتها لما قبلها: أنه لما ذكر في الآيات السابقة قصة أحد، وأهم أحداثها، ثم ذكرهم بوقعة بدر، وما كتب لم فيها من النصر على قلة عددهم، وعددهم ذكرهم هنا بسنن الله في خليقته، وأن من سار على نهجها أدى به ذلك إلى السعادة، ومن حاد عنها ضل وكانت عاقبته الشقاء والبوار، وأن الحق لا بد أن ينصر على الباطل مهما كانت له أول الأمر من صولةٍ، كما وعد الله بذلك على ألسنة رسله: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (١٧٣)}. وقال:{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}.
قوله تعالى:{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ...} الآيات، مناسبتها لما قبلها أنه سبحانه وتعالى لما أرشدهم في الآيات السابقة إلى أنه لا ينبغي لهم أن يحزنوا، أو يضعفوا، وأن ما أصابهم من المحنة والبلاء جار على سنن الله في خليقته من مداولة الأيام بين الناس، وفيه تمحيص له الحق؛ فإن الشدائد محك الأخلاق. وفيه هديٌ وإرشادٌ وتسليةٌ للمؤمنين حتى يتربوا على الصفات التي ينالون بها الفوز والظفر في جميع أعمالهم.
بين لهم هنا أن سبيل السعادة في الآخرة منوط بالصبر والجهاد في سبيل الله؛ كما أن طريق السعادة في الدنيا يكون بإقامة الحق، وسلوك طريق الإنصاف، والعدل بين الناس، فسنة الله هنا كسنته هناك.
أسباب النزول
قوله تعالى (١): {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ ...} الآية، سبب نزولها: ما