بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب". متفق عليه.
وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من كظم غيظًا وهو يقدر على إنفاذه ملأ الله قلبه أمنًا، وإيمانًا" وقال (١) مقاتل بلغنا أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في هذه الآية: إنَّ هذه في أمتي لقليل، وقد كانوا أكثر في الأمم الماضية". وأنشد أبو القاسم بن حبيب:
{وَالْعَافِينَ}؛ أي: التاركين المسامحين الإساءة والمظالم {عَنِ النَّاسِ} الجناة والمسيئين عليهم؛ أي: الذين يتجاوزون عن ذنوب الناس، ويتركون عقوبة من استحقوا مؤاخذته مع القدرة عليه، وتلك منزلة من ضبط نفسه وملك زمامها قل من يصل إليها، وهي أرقى من كظم الغيظ إذ ربما كظم المرء غيظه على الحقد والضغينة. وأخرج الطبراني عن أبيٍّ بن كعب أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"من سره أن يشرف له البنيان، وترفع له الدرجات، فليعف عمن ظلمه، ويعط من حرمه، ويصل من قطعه".
وفي الآية: إيماءٌ إلى حسن موقع عفوه - صلى الله عليه وسلم - عن الرماة وترك مؤاخذتهم بما فعلوا من مخالفة أمره، وإرشادٌ له إلى ترك ما عزم عليه من مجازاة المشركين بما فعلوه بحمزة رضي الله عنه حتى قال حين راه:"قد مثل به لأمثلن بسبعين منهم".
{وَاللَّهُ} سبحانه وتعالى {يُحِبُّ} ويثيب {الْمُحْسِنِينَ} بالإخلاص، والأعمال الصالحة، وبالإحسان إلى غيرهم على إحسانهم، ومحبة الله للعبد أعظم درجات الثواب.
أي: والله سبحانه وتعالى يحب الذين يتفضلون على عباده البائسين، ويواسونهم ببعض ما أنعم الله به عليهم شكرًا له على جزيل نعمائه.