إذ يعلم أن الذنب فسوق وخروج عن نظام الفطرة السليمة، واعتداء على حقوق الشريعة.
فالآية: تؤمِىءُ إلى أن المتقين الذين أعدَّ الله لهم الجنة لا يصرون على ذنب يرتكبونه صغيرًا كان أو كبيرًا؛ لأن ذكرهم لله يمنعهم أن يقيموا على الذنوب، إذ الإصرار على الصغائر يجعلها كبائر. ورب كبيرة أصابها المؤمن بجهالةٍ، وبادر إلى التوبة منها، فكانت مذكرة له بضعفه البشري، ودليلًا على أن للغضب عليه سلطانًا تكون دون صغيرةٍ يقترفها مستهينًا بها، مصرا عليها، مستأنسًا بها، فتزول من نفسه هيبة الشريعة، ويتجرأ بعد ذلك على ارتكاب الكبائر فيكون من الهالكين.
وروي أن الله - عَزَّ وَجَلَّ - أوحى إلى موسى عليه السلام:"ما أقل حياء من يطمع في جنتي بغير عملٍ، كيف أجود برحمتي على من يبخل بطاعتي". وقال عبد الله بن المبارك شعرًا:
قال ثابت البناني: بلغني أن إبليس بكى حين نزلت هذه الآية: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً} إلى آخرها.
فصلٌ فيما وَرَد في فضل الاستغفار من الأحاديث الصحيحة
عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال:"إني كنت إذا سمعت حديثًا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفعني الله منه ما شاء أن ينفعني، وإذا حدَّثني أحد من الصحابة استحلفته، فإذ حلف لي صدقته، وأنه حدثني أبو بكرٍ، وصدق أبو بكر أنه سمع رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما من عبد مؤمن أو قال: ما من رجل يذنب ذنبًا فيقوم ويتطهر، ثم يصلي، ركعتين، ثم يستغفر الله، إلا غفر الله له، ثم قرأ هذه الآية:{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ} إلى آخر الآية. أخرجه أبو داود، والترمذي، وقال: هذا حديث قد رواه غير واحد عن عثمان بن المغيرة فرفعوه.