أي: وعزتي وجلالي، لقد كنتم يا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - تطلبون الموت بالشهادة في الحرب من قبل أن تشاهدوا أسباب الموت وشدائده من الجهاد، والقتال يوم أحد، أو من قبل أن تلقوا العدو فيه حيث قلتم ليت لنا يومًا كيوم بدر لننال ما نال شهداؤه من الكرامة، كانوا قد ألحوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد في الخروج إلى المشركين في أحد، وكان رأيه - صلى الله عليه وسلم - في الإقامة بالمدينة حتى يدخلها عليهم المشركون. ثم ظهر منهم خلاف ذلك. وقراءة الجمهور بكسر اللام {مِنْ قَبْلِ} لأنها معربة لإضافتها إلى {أَنْ} وما في حيزها؛ أي: من قبل لقائه. وقرأ مجاهد بن جبر {مِنْ قَبْلِ} بضم اللام قطعها عن الإضافة كقوله: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} وعلى هذا، فـ {إن} وما في حيزها في محل نصب على أنها بدل اشتمال من الموت أي: تمنون لقاء الموت كقولك رهبت العدو لقاءه.
وقرأ الزهري والنخعيُّ {تلاقوه} ومعناه متحدٌ مع معنى تلقوه, لأن لقي يستدعي أن يكون بين اثنين بمادته، وإن لم يكن على المفاعلة.
{فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ} أي: فقد رأيتم الموت وأسبابه وأبصرتموه يوم أحد إن كنتم صادقين في تمنيكم الحرب {وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} أي: والحال أنكم تنظرون، إلى سيوف الكفار، والأعداء حين قتل أمامكم من قتل من إخوانكم فلم انهزمتم منهم، ولم تثبتوا مع نبيّكم؛ وهذه الجملة تأكيدٌ لما قبلها، أي: والحال أنكم بصراء ليس بأعينكم علَّةٌ.
وقال الشوكاني: وقيد الرؤية بالنظر مع اتحاد معناهما للمبالغة. انتهى.
وقرأ طلحة بن مصرف {فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ} باللام.
فمعنى (١) قوله: {فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ} أنكم شاهدتم أسبابه من ملاقاة الشجعان بعدتهم، وأسلحتهم، وكرهم وفرهم مشاهدةً لا خفاء فيها، ولا شبهة، وكان لها الأثر العميق في نفوسكم.