للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقاءك، ودمعز إذا قال: أدام الله عزك، وحيفل إذا قال: حيّ على الفلاح، ولم يذكر المطرّزيّ الحيصلة إذا قال: حيّ على الصلاة.

وهذا كله من النحت المولد، والنحت عند العرب خاصّ بالنسبة، أي:

إنّهم يأخذون اسمين، فينحتون منهما اسما واحدا فينسبون إليه، كقولهم:

حضرميّ، وعبقسيّ، وعبشسيّ: نسبة إلى حضرموت، وعبد القيس، وعبد شمس، على أنّ الفراء ذكر عن بعض العرب معنى: عشرة فأحدهنّ لي: صيّرهن لي أحد عشر. وقال الفرّاء: معنى اللهم: يا الله أمّنا بخير؛ أي: اقصدنا بخير، فكثرت في كلام العرب. ونحت العرب من اسمين، فقيل عن الصّلدم: إنه من الصّلد والصّدم، ومنه: بلحارث لبني الحارث، ولعلّ الحقلد: وهو السّيّء الخلق، والثقيل الروح منحوت من الحقد، والثقل. ونحتوا من اسم وحرف، فقالوا: من لا شيء: تلاشي، ونحتوا من حرفين، فقال الخليل: إنّ كلمة (لن) منحوتة من (لا) و (أن)، وإنها تضمنت بعد تركيبها، معنى لم يكن في أصليها مجتمعين.

وإنما أوردنا هذه الأقوال؛ لا لأنها قاطعة فهي موضع خلاف، كما رأيت، ولكننا استأنسنا بها؛ لتتوافر همّ المشتغلين باللغة على النحت، ففيه ثروة جديدة للغتنا، وتسهيل لكثير من التعابير الحديثة التي نفتقر إليها.

والثانية: كانت (١) قريش قبل البعثة تكتب في أوّل كتابها باسمك اللهمّ، وكان أميّة بن أبي الصلت، أوّل من كتب باسمك اللهمّ، إلى أن جاء الإسلام، ونزلت {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}. وروى محمد بن سعد في طبقاته: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ كان يكتب كما تكتب قريش باسمك اللهمّ، حتى نزل قوله تعالى: {وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها} فكتب باسم الله، حتى نزل قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ}، فكتب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ، حتى نزل قوله تعالى: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}، فكتب {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}.


(١) الدرويش.