للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يعاتبهم اقتداء بكتاب الله تعالى؛ إذ أنزل في هذه الواقعة آيات كثيرةً بيَّن فيها ما كان من ضعف بعض المسلمين، وعصيانهم، وتقصيرهم حتى ذكر الظنون والهواجس النفسية، لكن مع العتب المقترن بذكر العفو والوعد بالنصر وإعلاء الكلمة.

والآيات تتحدَّث عن أخلاق النبوَّةِ، وعن المِنَّةِ العظمى ببعثةِ الرسولِ الرحيم، والقائد الحكيم، وعن بقية الأحداث الهامة في تلك الغزوة.

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ ...} الآية، مناسبةُ هذه الآية لما قبلها (١): من حيث إنها تضمَّنت حكمًا من أحكام الغنائم في الجهاد، وهو من المعاصي المتوعَّد عليها بالنار، كما جاء في قصة مُدْعِمٍ (٢) فحذَّرهم عن ذلك.

قوله تعالى: (٣) {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنه تعالى لمَّا ذكر الفريقين فريق الرضوان، وفريق السخط، وأنهم درجاتٌ عند الله مجملا من غير تفصيل، فصل أحوالهم. وبدأ بالمؤمنين وذكر ما امتن عليهم به من بعث الرسول إليهم تاليًا لآيات الله، ومبيِّنًا لهم طريق الهدى، ومطهِّرًا لهم من أرجاس الشرك، ومنقذًا لهم من غمرة الضلالة بعد أن كانوا فيها، وسلَّاهم عمَّا أصابهم يوم أحد من الخِذلان، والقتل، والجراح، لما أنالهم يوم بدر من الظفر والغنيمة، ثم فصَّل حالَ المنافقين الذين هم أهل السخط بما نصَّ عليه تعالى.

أسباب النزول

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ ...} الآية، أخرج (٤) أبو داود والترمذي وحسَّنه، عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في قطيفةٍ حمراء، فقدت يوم بدر، فقال بعض الناس لعلَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أخذها، فأنزل الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ


(١) البحر المحيط.
(٢) مدعم: اسم عبد للنبي - صلى الله عليه وسلم - وهبه له رجل من بني جذام يدعى رفاعة بن زيد كما سيأتي بيانه في أحاديث الغلول. اهـ مؤلفه.
(٣) البحر المحيط.
(٤) لباب النقول.