للاستفهام الإنكاري، داخلةٌ على محذوف، والواو عاطفة لـ {قُلْتُمْ} الآتي على ذلك المحذوف ولما حينية متعلقة بـ {قُلْتُمْ}، وجملة {أَصَابَتْكُمْ} مضاف إليه، لـ {لَمَّا} كما سيأتي لك في بحث الإعراب.
والمعنى: أنسيتم فضل الله عليكم، ونصره لكم يوم بدر، وقلتم متعجِّبين حين أصابتكم مصيبةٌ يوم أحد قد أصبتم مثليها، وضعفها يوم بدر من المشركين، أنّى هذا؟ أي: أقلتم متعجبين كيف حصل لنا هذا الخذلان من القتل والهزيمة، ونحن مسلمون، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - فينا، ونحن ننصر دين الإِسلام الحقَّ، وهم ينصرون دين الشرك الباطل فكيف صاروا منصورين علينا، ونحن أحقُّ بالنصر!.
والمراد بالمصيبة: ما أصاب المسلمين يوم أحد من ظهور المشركين عليهم، وقتل سبعين منهم. والمراد بمثليها ما أصاب به المسلمون من المشركين يوم بدر بقتل سبعين منهم، وأسر سبعين.
أي: لا ينبغي لكم أن تعجبوا مما حل بكم في هذه الواقعة؛ فإن خذلانكم فيها لم يبلغ مبلغ ظفركم في بدر، فقد كان نصركم في تلك الواقعة ضعف انتصار المشركين في هذه.
فلماذا نسيتم فضل الله عليكم في بدر، فلم تذكروه، وأخذتم تعجبون مما أصابكم في أحد، وتسألون عن سببه.
وفائدة قوله:{قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} التنبيه على أن أمور الدنيا لا تدوم على نهج واحدٍ، فأنتم هزمتموهم مرتين، فكيف تستبعدون أن يهزموكم مرة واحدة.
وقد أجاب الله سبحانه وتعالى عن شبهة تعجبهم بجوابين: أحدهما: قوله: {قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا}، والثاني قوله:{قُلْ} لهم يا محمَّد {هُوَ}؛ أي: إنَّ هذا الخذلان الذي وقع بكم يوم أحد، وتعجبتم منه، وسألتم عن سببه، {مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} أي: إنما وقع بشؤم معصيتكم، ومخالفة أنفسكم أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنكم عصيتم الرسول في أمور كثيرة:
منها: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: المصلحة في البقاء في المدينة، فلا نخرج إلى أحد فأبيتم إلا الخروج، وكان الرأي ما رآه الرسول، حتى إذا ما دخلها