فقلت: يا أبا هريرة! إنّا أحيانا نكون وراء الإمام، فغمز ذراعي وقال: اقرأ بها في نفسك يا فارسيّ، فإنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:«قال الله تبارك وتعالى»:
(قسمت الصلاة بيني وبين عبدي) الحديث، أخرجه مسلم.
وقال ابن عبد البرّ:(١) الصحيح من القول: إلغاء تلك الركعة التي لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب، ويأتي بركعة بدلا منها، كمن أسقط سجدة سهوا، وهو اختيار ابن القاسم. وقال الحسن البصري: وأكثر أهل البصرة. والمغيرة بن عبد الرحمن المخزومي المدني: إذا قرأ بأمّ القرآن مرّة واحدة في الصلاة أجزأه، ولم يكن عليه إعادة؛ لأنّها صلاة قد قرأ فيها بأمّ القرآن، وهي تامّة؛ لقوله صلّى الله عليه وسلّم:
«لا صلاة لمن لم يقرأ بأمّ القرآن»، وهذا قد قرأ بها. قلت: ويحتمل لا صلاة لمن لم يقرأ بها في كلّ ركعة، وهو الصحيح، ويحتمل لا صلاة لمن لم يقرأ بها في أكثر عدد الركعات، وهذا هو سبب الخلاف. وقال أبو حنيفة والثوريّ، والأوزاعي: إن تركها عامدا في صلاته كلّها، وقرأ غيرها أجزأه، على اختلاف عن الأوزاعي في ذلك. وقال أبو يوسف، ومحمد بن الحسن: أقلّه ثلاث آيات.
وجه تسميتها:
سمّيت بفاتحة الكتاب: إمّا لافتتاح المصاحف، والتعليم، وقراءة القرآن، والصلاة بها؛ وإمّا لأنّ الحمد فاتحة كلّ كلام؛ وإمّا لأنها أوّل سورة نزلت؛ وإمّا لأنّها أوّل ما كتبت في اللوح المحفوظ؛ وإمّا لأنّها فاتحة أبواب المقاصد في الدنيا وأبواب الجنان في العقبى، وقيل: غير ذلك.
وهذه السورة الكريمة كلّها محكم، لا ناسخ فيها ولا منسوخ.