للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

للأنبياء، وخيانتهم الأمانة التي حملهم الله تعالى إياها إلى آخر ما هنالك من جرائمَ وشنائعَ اتصف بها هذا الجنسُ الملعونُ.

قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ...} الآيات، مناسبتُها (١) لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما سلى نبيه - صلى الله عليه وسلم - فيما سلف عن تكذيب قومه له بأن كثيرًا من الرسل قبلك، قد كذبوا كما كذبت، ولاَقُوا من أقوامهم من الشدائد مثلَ ما لاقيتَ بل أشد مما لاقيت، فقد قتلوا كثيرًا منهم كيحيى، وزكرياء عليهما السلام .. زاده هنا تسلية، وتعزية أخرى، فأبان أن كل ما تراه من عنادهم فهو منته إلى غاية، وكل آت قريب، فلا تضجَرْ ولا تحزَن على ما تَرى منهم، وأنهم سيجازون على أعمالهم في دار الجزاء، كما تجازى، وحسبك ما تصيب من حسن الجزاء، وحسبهم ما أصيبوا به، وما يُصابون به من الجزاء في الدنيا، وسيوفون الجزاء كاملًا يوم القيامة.

قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ...} الآية، مناسبتها (٢) لما قبلها أن الله سبحانه وتعالى لما حكى عن اليهود شبهًا، ومطاعنَ في نبوة محمَّد - صلى الله عليه وسلم - وأجاب عنها بما علمتَ فيما سلف .. أردفه هذه الآية لبيان عجيب حالهم، وغريب أمرهم، وأنه لا يليق بهم أن يطعنوا في نبوته، ولا أن يوجهوا شبهًا لدينه ذاك أن اليهود، والنصارى، أمروا بشرح ما في التوراة، والإنجيل، وبيان ما فيهما من الدلائل الناطقة بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - وصدق رسالته، فكيف يليق بهم بعد هذا إيراد تلك المطاعن، والشبه، وكانوا أجدر الناس بدفعها، وأحقهم بتأييده، والذود عن دينه لما في كتابيهما من البشارة به، وتوكيد دعوته فالعقل قاض بأن يظاهروه ودينهم حاكم بأن يؤيدوه، ومن العجب العاجب أن يطرحوا حكم العقل والنقل وراءهم ظهريًّا، وهل مثل هؤلاء يجدي معهم الحجاج والجدال، أو تقنعهم قوة الدليل والحجة.


(١) المراغي.
(٢) المراغي.