للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القلوب بذكر ما يدلُّ على التوحيد، والألوهية والكبرياء والجلال، فذكر هذه الآية.

وأيضًا في ختم هذه السورة بهذه الآية مناسبة لمبدئها؛ لأنه سبحانه وتعالى لمَّا بَدأَ هذه السورةَ الكريمة بذكر أدلة التوحيد، والألوهية، والنبوة .. خَتَمَها بذكر دلائل الوحدانية، والقدرة ودلائل الخلق، والإيجاد؛ ليستدل منها الإنسان على البعث والنشور، فكان ختامها مسكًا، كابتدائها، فيتأمل الإنسان في كتاب الله المنظور - الكون الفسيح - بعد أن تأمل في كتاب الله المسطور القرآن العظيم.

قوله تعالى: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (١٩٦)}. مناسبتها لما قبلها: أنه لما وعد الله المؤمنين بالثواب العظيم، وكانوا في الدنيا في غاية الفقر، والشدة، والكفار كانوا في رخاء ولَيْنِ عيش ذَكر في هذه الآية ما يسليهم، ويصبرهم على تلك الشدة، فبين لهم حقارةَ ما أُوتيَ هؤلاء من حظوظ الدنيا، وذَكَر أنها متاعٌ قليل زائل، فلا ينبغي للعاقل أن يوازن بينه وبين النعيم الخالد المقيم، قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ} الآية مناسبتها لما قبلها أنه تعالى لما ذكر أحوالَ الكفار وأحوالَ أهل الكتاب، وأن مصيرهم إلى النار، ذَكَرَ حَالَ من آمن من أهل الكتابِ، وأنَّ مصيرَهم إلى الجنة فقال: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} الآية.

أسباب النزول

قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ...} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه الطبراني، وابن أبي حاتم عن ابن عباس، قال: أتت قريش اليهودَ فقالوا بمَ جاءكم موسى من الآيات؟ قالوا: عصاه، ويده بيضاء للناظرين، وأتوا النصارى، فقالوا: كيف كان عيسى؟ قالوا: كان يبرىء الأكمه، والأبرص، ويحيي الموتى، فأتوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ادع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهبًا، فدعا ربَّه فنزلت الآية {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (١٩٠)} والمعنى: تفكروا واعتبروا أيها الناس: فيما خلقته وأنشأته من