اليتامى وعلمتم من أنفسكم {أَلَّا تُقْسِطُوا}؛ أي: أن لا تعدلوا {فِي الْيَتَامَى} إذا نكحتموهن {فَانْكِحُوا}؛ أي: فاتركوهن، وتزوجوا {مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} الأجنبيات؛ أي: فتزوجوا من استطابتها، وأحبتها أنفسكم، ومالت إليها قلوبكم من الأجنبيات، أو فانكحوا ما حل لكم من النساء؛ لأن منهن ما حرم الله تعالى كاللاتي في آية التحريم، وقوله:{مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} بدل من {ما} في قوله: {مَا طَابَ لَكُمْ} والواو فيه بمعنى، أو التي للتخيير؛ أي: فانكحوا اثنين اثنين من النساء الأجنبيات، أو ثلاثةً ثلاثةً منها، أو أربعةً أربعةً منها، ولا تزيدوا على أربع؛ أي: فيجوز لكل أحد أن يختار لنفسه قسمًا واحدًا من هذه الأقسام بحسب حاله، فإن قدر على نكاح اثنين فاثنتان، وإن قدر على ثلاث فثلاث، وإن قدر على أربع فأربع، لا أنه يضم عددًا منها إلى عدد آخر، وأجمعت الأمة على أنه لا يجوز لأحد أن يزيد على أربع نسوة، وأن الزيادة على أربع من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم - التي لا يشاركه فيها أحد من الأمة، ويدل على أن الزيادة على أربع غير جائزة، وأنها حرام ما روي عن الحارث بن قيس أو قيس بن الحارث قال: أسلمت، وعندي ثمان نسوة، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:"اختر منهن أربعًا". أخرجه أبو داود.
وعن ابن عمر: أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم، وله عشر نسوة في الجاهلية، فأسلمن معه، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يختار منهن أربعًا. أخرجه الترمذي.
قال العلماء (١): فيجوز للحر أن يجمع بين أربع نسوة حرائر، ولا يجوز للعبد أن ينكح أكثر من امرأتين، وهو قول أكثر العلماء؛ لأنه خطاب لمن ولي وملك، وذلك للأحرار دون العبيد، وقال مالك في إحدى الروايتين عنه، وربيعة: يجوز للعبد أن يتزوج بأربع نسوة، واستدل بهذه الآية. وأجاب الشافعي بأن هذه الآية مختصة بالأحرار، ويدل عليه آخر الآية، وهو قوله: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا