كما ذكر، وكبر الثدي للإناث، ونبات العانة، ونتن الإبط، وفرق الأرنبة، وغلظ الحنجرة للذكور، فإذا وجدت تلك العلامات حكم ببلوغه عند مالك، وأما عند الشافعي فلا يحكم بالبلوغ إلا بالاحتلام، أو الحيض، أو كمال خمس عشرة سنة، وما عدا ذلك علامة على البلوغ، ولا يحكم عليه به.
{وَلَا تَأكُلُوها}؛ أي: ولا تأكلوا أيها الأولياء، والأوصياء أموالَ اليتامى حالةَ كونكم {إِسْرَافًا}؛ أي: مسرفين، ومجاوزين الحد الشرعي، في الإنفاق، ولو على اليتيم نفسه {و} حالة كونكم {بدارًا}؛ أي: مبادرينَ ومسرعين إلى إنفاقها {أَنْ يَكْبَرُوا}؛ أي: مخافة كبرهم، رشداءَ فيمنعوكم عن ذلك، ويلزمكم تسليمها إليهم، وتقولون: ننفق كما نشتهي قبل أن يكبر اليتامى، فينزعوها من أيدينا.
ولما كانت هاتان الحالتان الإسراف ومسابقة كبر اليتيم ببعض التصرف من مواطن الضعف التي تعرض للإنسان نهى الله عنهما، ونبه الأولياء إلى خطرهما حتى يراقبوا ربهم إذا عرضتا لهم، أما الأكل من مال اليتيم بلا إسراف ولا مبادرة خوفَ أخذها عند البلوغ، فقد ذكر الله تعالى حكمه بقوله:{وَمَنْ كَانَ} منكم أيها الأولياء {غَنِيًّا}؛ أي: غير محتاج إلى شيء من مال اليتيم الذي تحت ولايته {فَلْيَسْتَعْفِفْ}؛ أي: فليعف نفسه عن الأكل من ماله، وليتنزه عن أكله، وليقنع بما آتاه الله من الرزق، إشفاقًا على اليتيم، وإبقاءً على ماله، ولا ينقص منه شيئًا قليلًا ولا كثيرًا {وَمَنْ كَانَ} منكم {فَقِيرًا}؛ أي: محتاجًا لا يستغنى عن الانتفاع بشيء من مال اليتيم الذي يشغل بعض وقته في تثميره، وحفظه {فَلْيَأكُلْ} منه {بِالْمَعْرُوفِ} شرعًا، وعند الناس وهو ما يبيحه الشرع، ولا يستنكره أرباب المروءة، ولا يعدونه خيانةً، وطمعًا، وقيل (١): {بِالْمَعْرُوفِ}؛ أي: بقدر أجرة خدمته لليتيم، وعمله في ماله، وقيل {بِالْمَعْرُوفِ}؛ أي: بالقرض، ثم إذا أيسر قضاه، وإن مات، ولم يقدر على القضاءِ، فلا شيء عليه، وهذا قول سعيد بن