للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مالٌ، فقال: يقضي الله في ذلك، فنزلت آية الميراث {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} الآيةَ، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عمهما، فقال: أعط بنتي سعد الثلثين، وأمهما الثمنَ، وما بقي فهو لك، قالوا وهذه أول تركة قسِمَتْ في الإِسلام.

وقصة جابر أصح؛ لأنها متفق عليها، وأما قصة بنات سعد بن الربيع ففيها عبدُ الله بن محمَّد بن عقيل، وهو صدوق ضعيفُ الحفظ على أنه لا تنافيَ بين القصتين، فيحتمل أنها نزلت فيهما معًا.

قال الحافظ بن حجر في "الفتح": تمسَّك بهذا الحديث الأخير مَنْ قال: إن الآية نَزلت في قصة ابنتي سعد، ولم تنزل في قصة جابر خصوصًا أنَّ جابرًا لم يكن له يومئذ ولد، قال الحافظ: والجواب أنها نزلت في الأمرين معًا، ويحتمل أن يكون: نزولُ أولها في قصة البنتين، وآخرها، وهو قوله: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً} في قصة جابر، ويكون مراد جابر بقوله: فنزلت: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}؛ أي: ذكر الكلالة المتصلُ بهذه الآية، والله أعلم. انتهى.

وأقولُ في كلام الحافظ رحمه الله: نظر، فإنَّ قوله: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً} في ميراث الإخوة لأم، فالأَوْلى أن يقال: لا مانع من نزول الآية في الأمرين معًا كما قرره هو قبل، والله أعلم.

وقد ورد (١) في الآية سببُ ثالثٌ: وهو ما أخرجه ابن جرير، عن السدي قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون الجواريَ ولا الضعفاء من الغلمان، لا يرث الرجلَ منْ ولده إلا من أطاق القتالَ، فمات عبد الرحمن أخو حسَّان الشاعر، وترك امرأة يقال لها: أم كحلة، وخمسَ بنات، فجاء الورثة يأخذون مالَه، فشكَتْ أمَّ كحلة ذلك إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله هذه الآية: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} ثم قال في أمّ كحلةَ {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ}.


(١) لباب النقول.