المالك في ملكه حتى لا يتصرّف المالك إلّا عن تدبير الملك؛ ولأنّه قراءة أهل الحرمين؛ ولقوله:{لِمَنِ الْمُلْكُ}؛ ولما فيه من التعظيم. وقيل: المالك أبلغ لما فيه من زيادة البناء، فيكون أكثر ثوابا؛ لأنّه أكثر حروفا؛ ولأنّه أوسع بابا من ملك؛ لأنّه يقال: مالك العبد والدابة، ولا يقال: ملك هذه الأشياء. وقيل: هما بمعنى واحد، مثل: فرهين، وفارهين.
وعبارة المراغي هنا: قرأ بعض القراء {مالك} بالألف، وبعض آخر {ملك} بلا ألف، والفارق بينهما: أنّ المالك: هو ذو الملك بكسر الميم، والملك: هو ذو الملك بضمّ الميم، وقد جاء في الكتاب الكريم ما يعاضد كلّا من القراءتين، فيعاضد الأولى قوله تعالى:{يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا}، ويعاضد الثانية قوله:{لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ}.
قال الراغب: والقراءتان وإن رويتا عن جمع كثير من الصحابة فالثانية يعني: ملك بلا ألف يكنفها من الجلال والروعة، وإثارة الخشية ما لا يوجد مثله في القراءة الأولى يعني: مالك بالألف، فهي تدلّ على أنّه سبحانه هو المتصرّف في شؤون العقلاء بالأمر والنهي والجزاء، ومن ثمّ يقال: ملك الناس، ولا يقال:
ملك الدابة، وملك العبد، وملك الدار.
فائدة: والفرق بين {الْمُلْكُ} بضمّ الميم، و {الْمِلْكُ} بكسرها: أنّ الملك بضمّ الميم: عبارة عن السلطان القاهر، والاستيلاء الباهر، والغلبة التامة، والقدرة على التصرّف الكلّي بالأمر والنهي. والملك بكسر الميم: عبارة عن السلطنة، والتصرف غير التامّين. والفرق بين الوصفين بالنسبة إلى الرب سبحانه:
أنّ الملك صفة لذاته، والمالك صفة لفعله كما في الشوكاني.
{يَوْمِ} واليوم في العرف: عبارة عمّا بين طلوع الشمس وغروبها من الزمان. وفي الشرع: عمّا بين طلوع الفجر الثاني وغروب الشمس، والمراد هنا:
مطلق الوقت؛ لعدم الشمس والفجر ثمّ. و {الدِّينِ}: الجزاء إن خيرا فخير، وإن شرّا فشرّ، ومنه قولهم: كما تدين تدان، وبيت الحماسة: