أو كان إلا أنه قضي، وفضل بعده شيء. فإن أوصى الميت بوصية أخرجت من ثلث ما فضل، ثم قسم الباقي ميراثًا على حكم فرائض الله تعالى.
وقرأ ابن كثير، وابن عامر، وأبو بكر، عن عاصم {يُوصِي} بفتح الصاد، وقرأ نافع، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي بكسر الصاد. ثم أتى بجملة معترضة بين ذكر الوارثين، وأنصبائهم، وبين قوله:{فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ} ولا تعلق لمعناها بمعنى الآية للتنبيه على جهل المرء بعواقب الأمور فقال: {أَبْنَاؤُكُمْ} أيها المؤمنون {وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ}، ولا تعرفون {أَيُّهُمْ}؛ أي: أي الفريقين {أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا} وأكثر لكم فائدةً في الدنيا بالإحسان إليكم، وفي الآخرة في الدعاء لكم، والصدقة عنكم كما في الحديث الصحيح، "أو ولد صالح يدعو له"؛ أي: إنكم لا تدرون أي الفريقين أقرب لكم نفعًا هل هم أباؤكم أو أبناؤكم، فمنكم فريق ظان أن ابنَه أنفع له، فيعطيه، فيكون الأب أنفع له في نفس الأمر، ومنكم فريق ظان، ومعتقد أن أباه أنفع له، فيعطيه الميراثَ وحدَه مع كون ابنه في نفس الأمر أنفع له، فلا تتبعوا في قسمة التركة ما كان يتعارفه أهل الجاهلية من إعطائها للأقوياء، الذين يحاربون الأعداء، وحرمان الأطفال، والنساء؛ لأنهم من الضعفاء، بل اتبعوا ما أمركم الله به، فهو أعلم منكم بما هو أقرب لكم نفعًا مما تقوم به في الدنيا مصالحكم، وتعظم به في الآخرة أجوركم، روى الطبراني؛ أن أحد المتوالدين إذا كان أرفعَ درجةً من الآخر في الجنة ... سأل أن يرفع الآخر إليه، فيرفع بشفاعته.
{فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ}؛ أي: فرَضَ الله سبحانه وتعالى ما ذكر من الأحكام {فَرِيضَةً} لا هوادة أي لا مسامحة في وجوب العمل بها، وفي هذا إشارة إلى وجوب الانقياد، لهذه القسمة التي قدرها الشرع، وقضى بها.
{إِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {كَانَ عَلِيمًا} بالمصالح، والرتب {حَكِيمًا} في كل ما قضى وقدر؛ أي: لم يزل متصفًا بذلك. قال ابن عباس (١) إن الله ليشفع