للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والزاي: لغة لبني عذرة، وكعب، وبني القين، وقال أبو بكر بن مجاهد: وهذه القراءة تشير: إلى أنّ قراءة من قرأ بين الزاي والصاد تكلّف حرف بين حرفين، وذلك صعب على اللسان، وليس بحرف يبنى عليه الكلام ولا من حروف المعجم، لست أدفع أنّه من كلام فصحاء العرب إلّا أنّ الصاد أفصح وأوسع. وقرأ زيد بن علي، والضحاك، ونصر بن علي، عن الحسن اهدنا صراطا مستقيما بالتنوين من غير لام التعريف، كقوله: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ صِراطِ اللَّهِ}. وقرأ جعفر الصادق في {صراط مستقيم} بالإضافة.

واعلم (١): أنّ هداية الله للإنسان على ضروب.

١ - هداية الإلهام: وتكون للطفل منذ ولادته فهو يشعر بالحاجة إلى الغذاء، ويصرخ طالبا له.

٢ - هداية الحواسّ: وهاتان الهدايتان يشترك فيهما الإنسان والحيوان الأعجم، بل هما في الحيوان أتم منهما في الإنسان، إذ إلهامه وحواسّه يكملان بعد ولادته بقليل، ويحصلان في الإنسان تدريجا.

٣ - هداية العقل: وهي هداية أعلى من هداية الحسّ والإلهام، فالإنسان قد خلق ليعيش مجتمعا مع غيره، وحواسّه وإلهامه لا يكفيان لهذه الحياة، فلا بدّ له من العقل الذي يصحّح له أغلاط الحواسّ. ألا ترى الصّفراويّ يذوق الحلو مرّا، والرّائي يبصر العود المستقيم في الماء معوجّا.

٤ - هداية الأديان والشرائع: وهي هداية لا بدّ منها لمن استرقّت الأهواء عقله، وسخّر نفسه للذّاته وشهواته، وسلك مسالك الشرور والآثام، وعدا على بني جنسه، وحدث بينه وبينهم التّجاذب والتدافع، فبها يحصل الرشاد، إذا غلبت الأهواء العقول، وتتبينّ للناس الحدود والشرائع، ليقفوا عندها، ويكفّوا أيديهم عمّا وراءها إلى أنّ في غرائز الإنسان الشعور بسلطان غيبيّ متسلط على الأكوان،


(١) روح البيان.