للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{و} أحسنوا إلى {مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} وأيديكم من عبيدكم وإمائكم، ويشمل هذا تحريرهم وعتقهم، وهو أتم الإحسان وأكمله، ومساعدتهم على شراء أنفسهم دفعة واحدة، أو نجومًا وأقساطًا، وحسن معاملتهم في الخدمة، بأن لا يكلفوا ما لا يطيقون، ولا يؤذون بقول ولا بفعل.

وقيل: الآية (١) عامة فتشمل جميع الحيوانات من عبيد وإماء وغيرهم، فالحيوانات غير الأرقاء أكثر في يد الإنسان من الأرقاء، فغلب جانب الكثرة، فعبر عنه بـ {ما}، وأمر الله بالإحسان إلى كل مملوك آدمي وغيره. وقد روى الشيخان قوله - صلى الله عليه وسلم -: "هم إخوانكم وخولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده .. فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم من العمل ما يغلبهم، وإن كلفتموهم .. فأعينوهم عليه".

وقد أكد (٢) النبي - صلى الله عليه وسلم - الوصية بهم في مرض موته، وكان ذلك من آخر وصاياه، فقد روى أحمد والبيهقي من حديث أنس قال: كانت عامة وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين حضره الموت: الصلاة: وما ملكت أيمانكم"، وقد أوصانا الله سبحانه وتعالى بهؤلاء، حتى لا يظن أن استرقاقهم يجيز امتهانهم، ويجعلهم كالحيوانات المسخرة، ثم ذكر ما هو علة للأمر السابق فقال: {إِنَّ اللَّهَ}؛ أي: لا تفتخروا على هؤلاء المذكورين لأن الله سبحانه وتعالى: {لَا يُحِبُّ}؛ أي: يعاقب {مَنْ كَانَ مُخْتَالًا} في مشيته متكبرًا عن أقاربه الفقراء وجيرانه الضعفاء وأصحابه لا يحسن عشرتهم، {فَخُورًا} بلسانه على الناس بما أعطاه الله تعالى من العلم والمال وغيرهما، فالمختال (٣): المتكبر الذي تظهر أثار الكبر في حركاته وأعماله، والفخور المتكبر: الذي تظهر آثار الكبر في أقواله، فتجده يذكر ما يرى أنه ممتاز به عن الناس زهوًا بنفسه، واحتقارًا لغيره، والمختال الفخور مبغوض عند الله تعالى؛ لأنه احتقر جميع الحقوق التي


(١) الجمل.
(٢) المراغي.
(٣) المراغي.