للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

معنى: أنّ المنعم عليهم هم الذين سلموا من الغضب والضلال، أو صفة له مبيّنة، أو مقيّدة على معنى: أنّهم جمعوا بين النعمة المطلقة، وهي نعمة الإيمان، وبين السلامة من الغضب والضلال، وذلك إنّما يصحّ بأحد تأويلين: أجراء الموصول مجرى النكرة في الإبهام، إذ لم يقصد به معهود كالمحلّى ب (أل) الجنسية في قوله:

ولقد أمرّ على اللئيم يسبّني ... فمضيت ثم قلت لا يعنيني

وكقولهم: إنّي لأمرّ على الرجل مثلك فيكرمني. أو جعل {غَيْرِ} معرّفا بالإضافة؛ لأنه أضيف إلى ما له ضدّ واحد، وهو المنعم عليه، فيتعيّن تعيّن الحركة من غير السكون، وعن ابن كثير: نصبه على الحال من الضمير المجرور في {عَلَيْهِمْ}، والعامل {أَنْعَمْتَ} أو بإضمار أعني أو بالاستثناء، إن فسّر المنعم بما يعمّ القبيلين، وبه قرأ عمر، وابن مسعود، وعليّ، وابن الزبير وليست في المتواتر عن ابن كثير.

والغضب: ثوران النفس لإرادة الانتقام، ومعنى الغضب في صفة الله: إرادة العقوبة، فهو صفة ذاته، أو نفس العقوبة. ومنه الحديث: «إنّ الصدقة تطفىء غضب الربّ»، فهو صفة فعله. قال في «الكشاف»: غضب الله إرادته الانتقام من العصاة، وإنزال العقوبة بهم، وأن يفعل بهم ما يفعله الملك إذا غضب على من تحت يده.

والفرق (١) بين {عَلَيْهِمْ} الأولى و {عَلَيْهِمْ} الثانية: أنّ الأولى في محل نصب على المفعولية، والثانية في محل رفع على النيابة عن الفاعل. و (لا) في قوله: {وَلَا الضَّالِّينَ} زائدة لتأكيد النفي المفهوم من {غَيْرِ}، فكأنّه قال: لا المغضوب عليهم ولا الضّالّين.

وقرأ عمر وأبيّ (٢): {وغير الضالّين}، وروي عنهما في الراء في الحرفين النصب والخفض، ويدلّ على أنّ المغضوب عليهم هم غير الضالين. والتأكيد


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.