للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الآية بعد ذلك كالاعتراض بين ذكر أحوال الكفار في الآخرة، وذكر أحوالهم في الدنيا، وما هم عليه من معاداة المؤمنين، وكيف يعاملون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، الذي يأتي شهيدًا عليهم وعلى غيرهم، ولما كان اليهود أشد إنكارًا للحق، وأبعد من قبول الخير، وكان قد تقدم أيضًا: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ ...}، وهم أشد الناس تحليا بهذين الوصفين .. أخذ يذكرهم بخصوصيتهم.

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها (١): هو أنه تعالى لما رجاهم بقوله: {وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا ...} الآية. خاطب من يرجى إيمانه منهم بالأمر بالإيمان، وقرن بالوعيد البالغ على تركه؛ ليكون أدعى لهم إلى الإيمان والتصديق به، ثم أزال خوفهم من سوء الكبائر السابقة بقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ...} الآية، وأعلمهم أن تزكيتهم أنفسهم بما لم يزكهم به الله تعالى لا ينفع.

قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها (٢): أنه سبحانه وتعالى لما هدد اليهود على الكفر، وتوعدهم عليه بأشد الوعيد، كطمس الوجوه، والرد على الأدبار، ثم بين أن ذلك الوعيد واقع لا محالة بقوله: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} .. ذكر هنا أن هذا الوعيد وشديد التهديد إنما هو لجريمة الكفر، فأما سائر الذنوب سواه فالله تعالى قد يغفرها، ويتجاوز عن زلاتها.

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر (٣) في الآية السالفة: أن ممن دعوا إلى التصديق بالأنبياء فريق نأى وأعرض عن اتباع الحق، ثم توعد من أعرض بسعير جهنم .. فَصَّل هنا الوعيد بذكر أحوال الفريقين، وما يلاقيه كل منهم من الجزاء يوم القيامة.


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.
(٣) المراغي.