الآن في بني إسرائيل، ويحفظ في عصرنا أمثلة إلا أنه لا يليق ذكرها بهذا الكتاب انتهى. وهو يحكى عن يهود الأندلس، وقد شاهدناهم وشاهدنا يهود ديار مصر على هذه الطريقة، وكأنهم يربون أولادهم الصغار على ذلك، ويحفظونهم ما يخاطبون به المسلمين، مما ظاهره التوقير ويريدون التحقير.
{وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا} باللسان أو بالحال عند سماع شيء من أوامر الله تعالى ونواهيه: {سَمِعْنَا} قولك {وَأَطَعْنَا} أمرك، بدل قولهم سمعنا وعصينا، لعلمهم بصدقك، ولوجود الأدلة والبينات المتظاهرة على ذلك، وكذلك لو قالوا {وَاسْمَعْ} منا ما نقول {وَانْظُرْنَا}؛ أي: انظر إلينا أو أمهلنا وانتظرنا بمعنى أفهمنا، ولا تعجل علينا حتى نفهم عنك ما تقول، بدل قولهم: واسمع غير مسمع وراعنا، {لَكَانَ} قولهم هذا {خَيْرًا لَهُمْ} من ذلك السابق عند الله يسبحانه وتعالى، {وَأَقْوَمَ}؛ أي: أصوب وأعدل مما قالوه، لما فيه من الأدب والفائدة وحسن العاقبة، وقال أبو حيان: والحاصل أنهم لو تبدلوا بالعصيان الطاعة، ومن الطاعة الإيمان بك، واقتصروا على لفظ اسمع، وتبدلوا براعنا قولهم وانظرنا، فعدلوا عن الألفاظ الدالة على عدم الانقياد، والموهمة إلى ما أمروا به، لكان؛ أي: ذلك القول خيرًا لهم عند الله تعالى وأقوم؛ أي: أعدل وأصوب، وقرأ أبي:{وَأنْظِرْنَا} من الإنظار وهو الإمهال، {وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ} سبحانه وتعالى؛ أي: خذلهم وطردهم وأبعدهم عن الرحمة والطاعة والهدى، {بِكُفْرِهِمْ}، أي: بسبب كفرهم باللهِ وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - بذلك القول وبغيره؛ إذ مضت سنة الله في البشر بأن الكفر يمنع صاحبه من التفكر والتروي والأدب في الخطاب، ويجعله بعيدًا من الخير والرحمة، فلا يمتُّ - يصل - إليهما بسبب، ولا يصل إليهما برحم ولا نسب.
{فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا}؛ أي: فهم (١) لا يؤمنون إلا إيمانًا قليلًا غير نافع لهم لا يعتد به، فهو لا يصلح عملًا، ولا يطهر نفسًا، ولا يرقي عقلًا، ولو كان