عن الاهتمام بأمر النساء، حالة كون ذلك العطاء {مِنْ فَضْلِهِ} وإحسانه سبحانه وتعالى، وقوله:{فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ} تعليل للإنكار المفهوم من الاستفهام المضمن للهمزة المقدرة؛ أي لا ينبغي لهم الحسد لمحمد وأصحابه، فإن حسدهم المذكور في غاية القبح والبطلان؛ لأنا قد آتينا وأعطينا من قبل محمَّد - صلى الله عليه وسلم - آل إبراهيم، الذين هم أنبياء أسلافهم، وأبناء أعمام لمحمد - صلى الله عليه وسلم -، {الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}؛ أي: النبوة؛ أي: أعطينا بعض آل إبراهيم الكتاب والنبوة، كموسى وعيسى وداود عليهم السلام، {وَآتَيْنَاهُمْ}؛ أي: وأعطينا بعضهم الآخر {مُلْكًا عَظِيمًا} لا يقادر قدره مع النبوة، كداود وسليمان ويوسف عليهم السلام، فكان لداود مئة امرأة مهرية، ولسليمان سبع مئة سرية، وثلاث مئة امرأة مهرية، وهؤلاء الثلاثة كانوا في بني إسرائيل، ولم يشغلهم أمر النبوة عن أمر الملك والنساء، فهم يعلمون بما آتيناهم، فلم يحسدوهم، وليس ما آتينا محمدًا وأصحابه ببدع حتى يحسدوهم على ذلك، فلأي شيء يخصصون محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بالحسد، دون غيره ممن أنعم الله عليهم من آل إبراهيم؟
والخلاصة: أنهم إن يحسدوه على ما أوتي .. فقد أخطؤوا؛ إذ ليس هذا ببدع منا؛ لأنا قد آتينا مثل هذا من قبل لآل إبراهيم، والعرب منهم فإنهم من ذرية إسماعيل ولده، فلم لم تعجبوا مما أوتي آل إبراهيم، وتعجبون مما أوتي محمد - صلى الله عليه وسلم -؟ ولم لا يكون مستبعدًا في حق هؤلاء، وكان مستبعدًا في حق محمَّد - صلى الله عليه وسلم -؟ وقوله:{مُلْكًا} قال الرازي: الملك إما ظاهرًا وباطنًا وهو: ملك الأنبياء، وإما ظاهرًا فقط وهو: ملك السلاطين، وإما باطنًا فقط وهو: ملك العلماء، والثلاثة كلها موجودة في بني إسرائيل. وفي الآية (١) رمز إلى أنه سيكون للمسلمين ملك عظيم يتبع النبوة والحكمة، وقد ظهرت تباشيره عند نزول الآية بالمدينة، فقد قويت شوكتهم وأخذ أمرهم يعظم رويدًا رويدًا.
والحاصل: أن اليهود إما مغرورون مخدوعون، يظنون أن فضل الله لا