بدلناهم جلودًا أخرى جديدة حية تشعر بالألم وتحس بالعذاب، بأن يجعل النضيج غير النضيج، فالذات واحدة، والمتبدل هو الصفة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه:"ما بين منكبي الكافر في النار مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع" متفق عليه.
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ضرس الكافر - أو قال: ناب الكافر - مثل أحد، وغلظ جلده مسيرة ثلاثة أيام"، رواه مسلم. ثم بين السبب في التبدل فقال:{لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ}؛ أي: لكي يجدوا ألم العذاب، ويدوم لهم ذوق العذاب؛ لأن الإحساس يصل إلى النفس بواسطة الألم في الجلد.
وفي التعبير بـ {يذوقوا} إيماء إلى أن إحساسهم بذلك العذاب يكون كإحساس الذائق المذوق، لا يدخل فيه نقصان ولا زوال بسبب ذلك الاحتراق.
قال الدكتور عبد العزيز (١) بن إسماعيل باشا رحمه الله تعالى في كتابه "الإِسلام والطب الحديث": والحكمة في تبديل جلود الكفار أن أعصاب الألم هي في الطبقة الجلدية، وأما الأنسجة والعضلات والأعضاء الداخلية: فالإحساس فيها ضعيف، ولذلك يعلم الطبيب أن الحرق البسيط الذي لا يتجاوز الجلد يحدث ألمًا شديدًا، بخلاف الحرق الشديد الذي يتجاوز الجلد إلى الأنسجة؛ لأنه مع شدته وخطره لا يحدث ألمًا كثيرًا، فالله تعالى يقول لنا إن النار كلما أكلت الجلد الذي فيه الأعصاب .. نجدده كي يستمر الألم بلا انقطاع، ويذوقوا العذاب الأليم، وهنا تظهر حكمة الله قبل أن يعرفها الإنسان، وكان الله عزيزًا حكيمًا انتهى.
ثم أكد سابق الكلام وبين علته فقال:{إِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {كَانَ عَزِيزًا}؛ أي: قادرًا غالبًا لا يمتنع عليه شيء مما يريده مما توعد به أو وعد، {حَكِيمًا}؛ أي: لا يفعل إلا الصواب، فيعاقب من يعاقبه على وفق حكمته، ومن حكمته أن ربط الأسباب بالمسببات، فلا يستطيع أحد أن يغلبه على أمره،