للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المكتوب رياء وسمعة.

ومعنى الآية (١)؛ أنه تعالى لو فرض عليهم أن يقتلوا أنفسهم، إما بأن يقتل كل واحد نفسه، أو بقتل بعضهم بعضًا، أو أن يخرجوا من ديارهم بالهجرة إلى دار أخرى، كما فرض ذلك على بني إسرائيل، حين استتيبوا من عبادة العجل .. لم يطع منهم إلا القليل.

بين الله (٢) سبحانه وتعالى في هذه الآية أن صادق الإيمان هو الذي يطيع الله في كل ما يأمر به، في السهل والصعب، والمحبوب والمكروه، ولو كان ذلك بقتل النفس، والخروج من الديار، الجسم دار الروح والوطن دار الجسم، أما المنافق فيعبد الله على ما يوافق هواه وشهواته، فإن أصابه خير .. اطمأن به ورضي، وإن ناله أذى .. أنقلب على وجهه، وارتد على عقبه، وباء بالخسران في الدنيا والآخرة.

قرأ أبو عمرو (٣) بكسر نون {أن} وضم واو {أَو}، وكسرهما حمزة وعاصم، وضمهما باقي السبعة، وأما ضم النون وكسر الواو فلم يقرأ به أحد، فالكسر على أصل التقاء الساكنين، والضم للاتباع للثالث؛ إذ هو مضموم ضمة لازمة، وإنما فرق أبو عمرو لأن الواو أخت الضمة. اهـ "سمين".

وقرأ الجمهور: {إِلَّا قَلِيلٌ} بالرفع على البدل من الواو في فعلوه، وهو المختار؛ لأنه استثناء من كلام تام غير موجب، وقرأ أبي وابن وأبي إسحاق وابن عامر وعيسى بن عمر {إِلَّا قَلِيلا} بالنصب على الاستثناء بعد النفي، وهو مرجوح.

{وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ} ويكلفون به؛ أي: ولو أن هؤلاء المنافقين فعلوا ما أمروا به، وتركوا ما نهوا عنه .. {لَكَانَ} ذلك الفعل والترك {خَيْرًا لَهُمْ}؛ أي: أنفع لهم في الدنيا والآخرة {وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} لإقدامهم على الحق،


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.
(٣) الجمل.