فمنها: حسن الافتتاح وبراعة المطلع، فإن كان أوّلها بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ على قول من عدّها منها، فناهيك بذلك حسنا، إذ كان مطلعها مفتتحا باسم الله، وإن كان أولها الحمد لله فحمد الله والثناء عليه بما هو أهله، ووصفه بما له من الصفات العليّة، أحسن ما افتتح به الكلام، وقدم بين يدي النثر والنظم، وقد تكرّر الافتتاح بالحمد في كثير من السور. والمطلع ينقسم إلى حسن وقبيح، والحسن إلى ظاهر وخفيّ على ما قسم في علم البديع.
ومنها: المبالغة في الثناء على الله؛ وذلك لعموم أل في {الْحَمْدُ} على التفسير الذي مرّ.
ومنها: تلوين الخطاب على قول بعضهم، فإنّه ذكر أنّ {الْحَمْدُ لِلَّهِ} صيغته صيغة الخبر، ومعناه الأمر، كقوله: لا ريب فيه ومعناه: النهي؛ أي: لا ترتابوا فيه.
ومنها: الاختصاص باللام التي في لله، إذ دلّت على أنّ جميع المحامد مختصّة به تعالى، فهو مستحق لها، وبالإضافة في مالك يوم الدين؛ لزوال الأملاك والممالك عن سواه تعالى في ذلك اليوم، وتفرّده فيه بالملك والملك، قال تعالى:{لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ}؛ ولأنّه لا يجازي في ذلك اليوم على الأعمال سواه.
ومنها: الحذف، وهو على قراءة من نصب الحمد ظاهر، وتقدم هل يقدّر من لفظ الحمد، أو من غير لفظه، قال بعضهم: ومنه حذف العامل الذي هو في الحقيقة خبر عن الحمد، وهو الذي يقدّر بكائن، أو مستقرّ، قال: ومنه حذف صراط من قوله: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}، التقدير: صراط غير المغضوب عليهم وصراط غير الضالّين، وحذف سورة إن قدّرنا العامل في الحمد إذا نصبناه باذكروا، أو اقرؤا، تقديره: اقرءوا سورة الحمد.
ومنها: الإتيان بالرحمن الرحيم عقب اتصافه بربّ العالمين؛ لإفادة الترغيب بعد الترهيب، فيكون أرغب للعبد على الطاعة، وأمنع من المعصية.