للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ...} الآية، سبب نزولها: ما رواه (١) البخاري عن ابن عباس أن أناسًا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيأتي السهم يرمى به فيصيب أحدهم فيقتله، أو يضرب فيقتل، فأنزل الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ}.

وأخرجه بن مردويه وسمى منهم في روايته: قيس بن الوليد بن المغيرة، وأبا قيس بن الفاكهة بن المغيرة، والوليد بن عتبة بن ربيعة وغيرهم، وذكر في شأنهم أنهم خرجوا إلى بدر، فلما رأوا قلة المسلمين دخلهم شك، وقالوا: غر هؤلاء دينهم، فقتلوا ببدر.

وأخرج ابن المنذر وابن جرير عن ابن عباس (٢) قال إن سبب نزول هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ} أن قومًا من أهل مكة قد أسلموا، وكانوا يخفون الإِسلام، فأخرجهم المشركون معهم يوم بدر، فأصيب بعضهم، فقال المسلمون: هؤلاء كانوا مسلمين فأكرهوا، فاستغفروا لهم، فنزلت الآية فكتبوا بها إلى من بقي منهم بمكة، وأنه لا عذر لهم فخرجوا، فلحق بهم المشركون ففتنوهم فرجعوا، فنزلت: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} فكتب إليهم المسلمون بذلك فتحزنوا فنزلت: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ...} الآية، فكتبوا إليهم بذلك، فخرجوا فلحقوهم، فنجا من نجا، وقتل من قتل.

قوله تعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ...} الآية، روى (٣) ابن جرير عن ابن جبير أنها نزلت في جندب بن ضمرة وكان بلغه قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ ...} الآية، وهو بمكة حين بعث بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مسلميها، فقال لبنيه: احملوني فإني لست من المستضعفين، وإني لأهتدي إلى الطريق، وإني لا أبيت الليلة بمكة، فحملوه على سرير وتوجهوا به إلى المدينة، وكان شيخًا كبيرًا فمات بالتنعيم - موضع قرب المدينة - ولما


(١) لباب النقول.
(٢) لباب النقول.
(٣) المراغي.