للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالمتزوجة ولا بالمطلقة، لا أيِّمًا ولا ذات بعل، كالشيء المعلق، لا هو في السماء ولا هو على الأرض، بل هو في تعب، وقيل معناه: كالمسجونة، لا هي مخلصة فتتزوج، ولا هي ذات بعل فيحسن إليها، فإن الذي يُغفر لكم من الميل ويسامَح لكم هو ما لا يدخل تحت اختياركم، ولا يكون فيه تعمد التقصير أو الإهمال، أما ما يقع تحت اختياركم، فعليكم أن تقوموا به إذ لا هوادة فيه.

والمعنى (١): أنكم لستم منهيين عن حصول التفاوت في الميل القلبي؛ لأن ذلك خارج عن قدرتكم ووسعكم، ولكنكم منهيون عن إظهار ذلك الميل في القول والفعل.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كانت له امرأتان فلم يعدل بينهما .. جاء يوم القيامة وشقه ساقط" أخرجه الترمذي.

وعند أبي داود: "من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما .. جاء يوم القيامة وشقه مائل".

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقسم فيعدل، فيقول: "اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك"، يعني: القلب، أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي.

وقرأ أبي (٢): {فتذروها كالمسجونة}، وقرأ عبد الله: {فتذروها كأنها معلقة}. {وَإِنْ تُصْلِحُوا} في معاملة النساء {وَتَتَّقُوا} ظلمهن، وتفضيل بعضهن على بعض، فيما يدخل في اختياركم كالقسم والنفقة {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا}؛ أي: فإن الله تعالى يغفر لكم ما دون ذلك، مما لا يدخل في اختياركم كالحب وزيادة الإقبال وغير ذلك، أو المعنى: {وَإِنْ تُصْلِحُوا} ما مضى من ميلكم، وتتداركوه بالتوبة {وَتَتَّقُوا} في المستقبل عن مثله .. غفر الله لكم ذلك، {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} فيغفر ما حصل في القلب من الميل إلى بعضهن دون البعض، ويتفضل عليكم برحمته.


(١) الخازن.
(٢) البحر المحيط.