شريك له؛ لأنّه خطاب الملوك، والله تعالى مالك الملك، وملك الملوك، والمعهود من كلام الملوك أربعة أوجه: الإخبار على لفظ الواحد، نحو: فعلت كذا، وعلى لفظ الجمع، نحو: فعلنا كذا، وعلى ما لم يسم فاعله، نحو: رسم كذا، وإضافة الفعل إلى اسمه على وجه المغايبة، نحو: أمركم سلطانكم بكذا، والقرآن نزل بلغة العرب، فجمع الله فيه هذه الوجوه كلّها فيما أخبر به عن نفسه، فقال تعالى:{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} على صيغة الواحد، وقال تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} على صيغة الجمع، وقال فيما لم يسمّ فاعله:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ} وأمثاله، وقال في المغايبة:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} وأمثاله، كذا في «التيسير».
والإنفاق والإنفاد أخوان، خلا أنّ في الثاني معنى الإذهاب بالكلية دون الأول، والمراد بهذا الإنفاق: الصرف إلى سبيل الخير فرضا كان أو نفلا. ومن فسّره بالزكاة ذكر أفضل أنواعه والأصل فيه، أو خصصه بها لاقترانه بما هي شقيقتها وأختها، وهي الصلاة.
واعلم: أنّه سبحانه ذكر في الآية الإيمان، وهو بالقلب، ثمّ الصلاة وهي بالبدن، ثمّ الإنفاق وهو بالمال، وهو مجموع كل العبادات. ففي الإيمان النجاة، وفي الصلاة المناجاة، وفي الإنفاق الدرجات، وفي الإيمان البشارة، وفي الصلاة الكفارة، وفي الإنفاق الطهارة، وفي الإيمان العزة، وفي الصلاة القربة، وفي الإنفاق الزيادة.
فصل في مسائل تتعلق بالصلاة
المسألة الأولى: واعلم أنّ الناس بالنسبة إلى الصلاة على أربع طباق:
الأولى: طبقة لم يقبلوها، ورأسهم أبو جهل لعنه الله، وفي حقّه قال تعالى:{فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى}، وذكر مصيرهم بقوله: {ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} إلى قوله: {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ}.
والثانية: طبقة قبلوها ولم يؤدوها، وهم أهل الكتاب، وذكرهم الله تعالى