للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي ذلك من العبرة أن الانتماء إلى الدين لا ينفع أهله إذا لم يقيموه ولم يتهدوا بهديه، وأن إيثار أهل الكتاب أهوائهم على هدى دينهم هو الذي أعمى لهم عن نور القرآن والاهتداء به.

{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها (١): أنَّه تعالى لما ذكر أنَّه بين في التوراة أن حكم الزاني المحصن الرجم، وغرته اليهود .. ذكر هنا أنَّه بين في التوراة أن النفس بالنفس وغيرته اليهود أيضًا، ففضلوا بني النضير علي بني قريظة، وخصوا إيجاب القود علي بني قريظة دون بني النضير.

قوله تعالى: {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها (٢): أنَّه لما ذكر تعالى أنَّ التوراة يحكم بها النبيون .. ذكر هنا أنَّه قفاهم بعيسى ابن مريم تنبيهًا على أنَّه من جملة الأنبياء، وتنويهًا وتنزيهًا له عما تدعيه اليهود فيه، وأنَّه من جملة مصدقي التوراة.

قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها (٣): أن الله سبحانه وتعالى لما بين إنزال التوراة ثم الإنجيل علي بني إسرائيل، وذكر ما أودعه فيهما من الهدى والنور، وما ألزمهم به من إقامتهما، وما أوعدهم به من العقاب على ترك الحكم بهما .. ذكر هنا إنزاله القرآن على خاتم الأنبياء محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، ومنزلته من الكتب قبله، وأنَّ الحكمة اقتضت تعدد الشرائع والمناهج لهداية البشر.

وعبارة أبي حيان (٤) قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ...} الآية، مناسبتها لما قبها: أنَّ الله سبحانه وتعالى لما ذكر أنَّه أنزل التوراة فيها هدى ونور، ولم يذكر من أنزلها عليه لاشتراكهم كلهم في أنَّها أنزلت على موسى، فترك ذكره للعلم بذكر، ثم ذكر عيسى وأنَّه أتاه الإنجيل، فذكره ليقروا أنَّه من


(١) البحر المحيط.
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.
(٤) البحر المحيط.