وحاصل معنى الآية: أنّ الله سبحانه وتعالى (١) ضرب مثلا لحال قلوب أولئك القوم، وقد تمكّن الكفر فيها حتى امتنع أن يصل إليها شيء من الأمور الدينية النافعة لها في معاشها ومعادها، وحيل بينها وبينه، بحال بيوت معدّة؛ لحلول ما يأتي إليها مما فيه مصالح مهمّة للناس، لكنّه منع ذلك بالختم عليها، وحيل بينها وبين ما أعدت لأجله. فقد حدث في كلّ منهما امتناع دخول شيء بسبب مانع قويّ، وكذلك حدث مثل هذا في الأسماع، فلا تسمع آيات الله المنزلة سماع تأمّل وتدبّر، وجعل على الأبصار غشاوة، فلا تدرك آيات الله المبصرة في الآفاق والأنفس الدالّة على الإيمان، ومن ثمّ لا يرجى تغيير حالهم، ولا أن يدخل في قلوبهم الإيمان.
{إِنَّ} حرف نصب وتوكيد. {الَّذِينَ} اسم موصول للجمع المذكر، في محل النصب اسمها، مبنيّ على الفتح. {كَفَرُوا} فعل وفاعل، والألف تكتب؛ للفرق بين واو الضمير وبين واو جزء الكلمة في غير الرسم العثماني، وفرقا بين المتطرّفة والمتوّسطة في الرسم العثماني. والجملة الفعلية صلة الموصول، والعائد ضمير الفاعل. {سَواءٌ} خبر مقدم، أو خبر إنّ. {عَلَيْهِمْ} جار ومجرور، متعلّق بسواء؛ لأنّه اسم مصدر لاستوى الخماسّي. {أَأَنْذَرْتَهُمْ} الهمزة في أصلها للاستفهام، ولكن سحبت معناها الأصلي، فجعلت للتسوية؛ لوقوعها بعد سواء. {أَنْذَرْتَهُمْ} فعل وفاعل ومفعول أول، والثاني محذوف؛ لدلالة المقام عليه؛ أي: أنذرتهم العذاب، والجملة من الفعل والفاعل في تأويل مصدر من غير سابك؛ لإصلاح المعنى، مرفوع على كونه مبتدأ مؤخّرا لسواء، والتقدير: إنّ الذين كفروا إنذارك إياهم وعدم إنذارك إياهم سيّان عندهم. والجملة من المبتدأ المؤخّر وخبره المقدم في محلّ الرفع خبر إنّ، وجملة إنّ مستأنفة، أو في تأويل مصدر مرفوع