الدين؛ إذ السكران لا عقل له يذكر به آلاء الله وآياته، ويثني عليه بأسمائه وصفاته، أو يقيم الصلاة التي هي ذكر الله، ولو ذكر السكران ربه وحاول الصلاة .. لم تصح له، وكذلك المقامر تتوجه جميع قواه العقلية إلى اللعب الذي يرجو منه الربح، ويخشى الخسارة، فلا يتوجه همُّه إلى ذكر الله، ولا يتذكر أوقات الصلاة وما يجب عليه من المحافظة عليها.
وقد دلت المشاهدة على أن القمار أكثر الأعمال التي تشغل القلب وتصرفه عن كل ما سواه، بل يحدث الحريق في دار المقامر، أو تحل المصائب بالأهل والولد، ويستغاث به فلا يغيث، بل يمضي في لعبه، والنوادر في ذلك كثيرة على أن المقامر إذا تذكر الصلاة وترك اللعب لأجلها، فإنه لا يؤدي منها إلا الحركات بدون أدنى تدبر أو خشوع، لكنه على كل حال يفضل السكران، إذ إنه لا يكاد يضبط أفعال الصلاة.
ولما بين الله سبحانه وتعالى علة تحريم الخمر والميسر وحكمته .. أكد ذلك التحريم فقال:{فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} ومنزجرون عن إتيانهما، والاستفهام فيه استفهام تهديدي بمعنى الأمر، وهو أبلغ من الأمر صريحًا، فكأنه قيل: قد بينت لكم ما في هذه الأمور من أنواع الصوارف والموانع والقبائح، فهل أنتم منتهون مع هذه الصوارف، أم أنتم على ما كنتم عليه كأنكم لم توعظوا ولم تزجروا؟
والخلاصة: قد بينتُ لكم مفاسد الخمر والميسر، فهل تنتهون عنهما، أم أنتم مقيمون عليهما كأنكم لم توعظوا بهذه المواعظ؟ وقد أكد (١) الله سبحانه وتعالى تحريم الخمر والميسر بوجوه من التأكيد:
منها: أنه سماهما رجسًا، والرجس كلمة تدل على منتهى ما يكون من القبح والخبث، ومن ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: "الخمر أمُّ الخبائث".
ومنها: أنه قرنهما بالأنصاب والأزلام التي هي من أعمال الوثنية وخرافات