مساقًا إلى أرض الحرم ليذبح فيه ويتصدق به على مساكين الحرم.
وسميت الكعبة كعبة لارتفاعها، والعرب تسمي كل بيت مرتفع كعبة، والمراد بالكعبة هنا: كل الحرم؛ لأن الذبح لا يقع في الكعبة وعندها ملاقيًا لها، وإنما يقع في الحرم، وهو المراد بالبلوغ، فيذبح المثل في الحرم كدم الهدي، ويتصدق به على مساكين الحرم عند الشافعي. وقال أبو حنيفة: يتعين الذبح في الحرم، وأما التصدق به: فحيث شئتَ إذا وصل الهدي إلى الكعبة. والمعنى: إن ذلك الجزاء يكون هديًا يصل إلى الكعبة، ويذبح في جوارها، حيث تؤدى المناسك، ويفرق لحمه على مساكين الحرم. قال أبو حيان (١): والحرم كله منحر لهذا الهدي، فما وقف به بعرفة من هدي الجزاء ينحر بمنى، وما لم يوقف به فينحر بمكة وفي سائر بقاع الحرم بشرط أن يدخل به من الحل، ولا بد أن يجمع فيه بين حل وحرم حتى يكون بالغًا لكعبة. وقرأ الأعرج:{هِديًّا} بكسر الدال وتشديد الياء. انتهى.
وقوله:{أَوْ كَفَّارَةٌ} معطوف على {جزاء}، وقوله:{طَعَامُ} - بالرفع - بدل من {كَفَّارَةٌ}، أو عطف بيان لها، أو خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هي طعام. وقوله:{أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ}؛ أي: قدر أمداد ذلك الطعام. {عَدْلُ}: معطوف على {طَعَامُ}، وقوله:{صِيَامًا} تمييز لـ {عَدْلُ ذَلِكَ}، والمعنى: فمن قتل الصيد منكم متعمدًا، وهو محرم .. فعليه جزاء مماثل للمقتول هو من النعم، أو كفارة هي إطعام مساكين بقيمة ذلك المثل، لكل مسكين مدٌّ عند الشافعي، ونصف صاع عند أبي حنيفة من غالب قوت البلد، أو كفارة هي صيام أيام تعادل وتساوي عدد أمداد ذلك الطعام الذي هو قيمة المثل عند الشافعي، أو يصوم يومًا بدل نصف صاع عند أبي حنيفة، فيختار الجاني بين هذه الخصال الثلاثة.