المنكر، أو لا يظن التأثير بحال من الأحوال، أو يخشى على نفسه أن يحل به ما يضره ضررًا يسوغ له معه الترك؛ أي: فيحرم عليه ذلك حينئذ إذا أدَّى إلى الوقوع في التهلكة.
فصل في ذكر نبذة مما يتعلق بالآية
فإن قلت (١): هل يدل ظاهر هذه الآية على جواز ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
قلتُ: لا يدل على ذلك، والذي عليه أكثر الناس أن المطيع لربه عَزَّ وَجَلَّ لا يكون مؤاخذًا بذنوب أصحاب المعاصي، فأمَّا وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فثابت بدليل الكتاب والسنة.
عن قيس بن أبي حازم عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: أيها الناس، إنكم تقرؤون هذه الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}. ولا تضعونها موضعها، ولا تدرون ما هي، وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"إن الناس إذا رأوا ظالمًا، فلم يأخذوا على يديه .. أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه" أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وأخرجه أبو داود، وزاد فيه:"ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي، ثم يقدرون على أن يغيِّروا إلا يوشك أن يعمهم الله بعقاب". وقال قوم في معنى الآية: عليكم أنفسكم إذا أمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر فلم يقبل منكم. وقال ابن مسعود: مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر ما قبل منكم، فإن رُدَّ عليكم فعليكم أنفسكم.
وعن أبي أمية الشيباني قال: أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت له: كيف تصنع بهذه الآية؟ قال: آية آية؟ قلت:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}، قال: أما والله لقد سألت عنها خبيرًا، سألت عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحًا مطاعًا، وهوى