للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{تَكُونُ لَنَا عِيدًا} والعيد (١) مشتق من العود؛ لأنه يعود كل سنة، قاله ثعلب عن ابن الأعرابي، وقال ابن الأنباري: النحويون يقولون: يوم العيد؛ لأنه يعود بالفرح والسرور، وعيد الفرح لا يعود بالفرح والحزن، وكل ما عاد إليك في وقت فهو عيد. وقال الراغب: العيد حالة تعاود الإنسان، والعائدة كل نفع يرجع إلى الإنسان بشيء، ومنه: العود للبعير المسن؛ إما لمعاودة السير والعمل، فهو بمعنى فاعل، وإما لمعاودة السنين إياه ومرورها عليه، فهو بمعنى: مفعول، وصغّروه على: عييد، وكسروه على: أعياد، وكان القياس: عويد؛ لزوال موجب قلب الواو ياء؛ لأنها إنما قلبت لسكونها بعد كسرة؛ كميزان، وإنما فعلوا ذلك فرقًا بينه وبين عود الخشب. اهـ "سمين". {عَذَابًا} في "السمين" (٢): عذابًا: اسم مصدر بمعنى التعذيب، أو مصدر على حذف الزوائد، نحو: عطاء ونبات لأعطى وأنبت، وانتصابه على المصدرية بالتقديرين المذكورين، والهاء في لا أعذبه عائدة على عذاب الذي تقدم أنه بمعنى التعذيب، والتقدير: فإني أعذبه تعذيبًا لا أعذب مثل ذلك التعذيب أحدًا. انتهى.

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات أنواعًا من البلاغة والفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: الاستفهام التوبيخي في قوله: {مَاذَا أُجِبْتُمْ}؛ لأن فيه توبيخًا للكفار.

ومنها: التأكيد في قوله: {إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ}.

ومنها: التجوز في التعبير عما في المستقبل بلفظ الماضي في قوله: {إِذْ قَالَ اللَّهُ}؛ لأن هذا القول يقع يوم القيامة إشعارًا بتحقق الوقوع، فأقام الماضي مقام المضارع، و {إذ} مقام إذا التي للمستقبل، فأصل العبارة: إذ يقول الله.

ومنها: التخصيص في قوله: {يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} بعد التعميم في قوله: {فيقول مَاذَا أُجِبْتُمْ} فتخصيص عيسى من بين الرسل لاختلاف طائفتي اليهود


(١) السمين.
(٢) الجمل.