عليه وقعه، والإعراض: التولي والانصراف عن الشيء رغبة عنه أو احتقارًا له.
{فَإِنِ اسْتَطَعْتَ} استطاع من باب استغفل السداسي كاستعان واستقام يقال: استطعت الشيء إذا صار في طوعك منقادًا لك باستيفاء الأسباب التي تمكنك من فعله. {أَنْ تَبْتَغِيَ} ابتغى من باب افتعل الخماسي، والابتغاء: طلب ما في طلبه كلفة ومشقة من البغي، وهو تجاوز الحد، ويكون في الخير كابتغاء رضوان الله تعالى، وهو غاية الكمال، وفي الشر كابتغاء الفتنة، وهو غاية الضلال.
{نَفَقًا} والنفق: السرب في الأرض، وهو حفرة نافذة لها مدخل ومخرج، وفي "السمين" النفق: السرب النافذ في الأرض، وأصله في حجرة اليربوع، ومنه: النافقاء والقاصعاء انتهى.
{أَوْ سُلَّمًا} والسلم: المصعد والمرقاة، وقيل: الدرج، وقيل: السبب تقول العرب: اتخذني سلمًا لحاجتك؛ أي: سببًا، وهو مشتق من السلامة؛ لأنه هو الذي يسلمك إلى مصعدك وتذكيره أفصح من تأنيثه.
{بِآيَةٍ} الآية: المعجزة {مِنَ الْجَاهِلِينَ} جمع: جاهل من الجهل، والجهل هنا ضد العلم، وليس كل جهل عيبًا؛ لأن المخلوق لا يحيط بكل شيء علمًا، وإنما يذم الإنسان بجهل ما يجب عليه، ثم بجهل ما ينبغي له، ويعدله كمالًا إذا لم يكن معذورًا في جهله.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات أنواعًا من الفصاحة والبلاغة والبيان والبديع:
فمنها: الاستعارة التصريحية أو التمثيلية في قوله: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا}؛ لأن الظاهر أن الغطاء والصمم هنا ليسا حقيقة؛ بل ذلك من باب استعارة المحسوس للمعقول حتى يستقر في النفس، استعار الأكنة لصرف قلوبهم عن تدبر آيات الله، والثقل في الأذن لتركهم الإصغاء إلى سماعها.
ومنها: وضع الظاهر موضع المضمر في قوله: {يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا} لتسجيل الكفر عليهم، وفي قوله:{وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} لتسجيل الظلم عليهم.