للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَإِنَّمَا هِي إِقْبَالٌ وَإِدْبَارُ

ومنها: الاستفهام التوبيخي في قوله: {أَفَلَا تَعْقِلُونَ}.

ومنها: التفخيم والتكثير بتنوين رسل في قوله: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ}.

ومنها: تصدير الجملة بالقسم لتأكيد التسلية في قوله: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ}؛ لأن عموم البلوى مما يهون أمرها بعض تهوين.

ومنها: الحذف في عدة مواضع.

فائدة: قال الإِمام فخر الدين الرازي: قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ} يقتضي (١) له جوابًا، وقد حذف تفخيمًا للأمر وتعظيمًا للشأن، وأشباهه كثير في القرآن والشعر، وحذف الجواب في هذه الأشياء أبلغ في المعنى من إظهاره، ألا ترى أنك لو قلت لغلامك: واللهِ لئن قمت إليك، وسكت عن الجواب ذهب فكره إلى أنواع المكروه من الضرب والقتل والكسر، وعظم خوفه؛ لأنه لم يدر أيَّ الأقسام تبغي، ولو قلت: والله لئن قمت إليك لأضربنك، فأتيت بالجواب لعلم أنك لم تبلغ شيئًا غير الضرب، فثبت أن حذف الجواب أقوى تأثيرًا في حصول الخوف.

وقال (٢) أبو حيان: وجواب {لو} محذوف لدلالة المعنى عليه تقديره: لرأيت أمرًا شنيعًا وهولًا عظيمًا، وحذف جواب {لو} لدلالة الكلام عليه جائز، فيصح، ومنه: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ} الآية، وقول الشاعر:

وَجَدَّكَ لَوْ شَيْءٌ أَتَانَا رَسُوْلُهُ ... سِوَاكَ وَلَكِنْ لَمْ نَجِدْ لَكَ مَدْفَعَا

أي: لو شيء أتانا رسوله سواك لدفعناه.

والله سبحانه وتعالى أعلم

* * *


(١) التفسير الكبير للرازي.
(٢) البحر المحيط.