للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

للشكّ، فقد توسّع فيها حتى صارت لمجرد التساوي من غير شكّ. وقيل: إنّها بمعنى الواو، قاله الفرّاء، وغيره. انتهى. وقوله: {كَصَيِّبٍ} على حذف مضاف؛ أي: صفتهم وحالهم في تردّدهم وحيرتهم، كصفة وحال أصحاب صيّب؛ أي: مطر يصوب؛ أي: ينزل من السماء، ويقع على الأرض من الصوب، وهو النزول. أصله: صيوب نظير سيّد، كما سيأتي. والكاف مرفوع المحل، معطوف على الكاف الذي في قوله: {كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ}. و {أَوْ} للتخيير والتساوي.

أي: (١) كيفية قصة المنافقين شبيهة بكيفية هاتين القصتين، والقصتان سواء في استقلال كلّ واحدة منهما بوجه التمثيل، فبأيتهما مثلتها فأنت مصيب، وإن مثلتها بهما جميعا فكذلك. وقرىء أو كصايب وهو اسم فاعل من صاب يصوب، وصيب أبلغ من صائب،

ذكره في «البحر».

وقوله: {مِنَ السَّماءِ} متعلّق بصيّب؛ أي: كأصحاب مطر نازل من السماء.

والسماء: سقف الدنيا، وتعريفها للإيذان بأنّ انبعاث الصيّب ليس من أفق واحد، فإنّ كلّ أفق من آفاقها؛ أي: كلّ ما يحيط به كلّ أفق منها سماء على حدة.

والمعنى: أنّه صيّب عامّ نازل من غمام مطبق، آخذ بآفاق السماء. وفيه أنّ السحاب من السماء ينحدر، ومنها يأخذ ماؤه، لا كزعم من يزعم أنّه يأخذه من البحر.

قال الإمام: من الناس من قال: المطر إنما يتحصّل عن ارتفاع أبخرة رطبة من الأرض إلى الهواء، فينعقد هناك من شدّة برد الهواء، ثمّ ينزل مرة أخرى، وأبطل الله ذلك المذهب هنا، بأن بيّن أنّ ذلك الصيب نزل من السماء.

وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنّ تحت العرش بحرا ينزل منه أرزاق الحيوانات، يوحي إليه فيمطر ما شاء من سماء إلى سماء، حتى ينتهي إلى سماء الدنيا، ويوحي إلى السحاب أن غربله، فيغربله، فليس من قطرة تقطر، إلّا ومعها ملك يضعها موضعها، ولا ينزل من السماء قطرة، إلّا بكيل معلوم، ووزن


(١) روح البيان.