الصحابة .. فكانوا يرون أولئك الكفار في الراحات والمسرات والطيبات والخصب والسعة، فكانوا يقولون: كيف حصلت هذه الأحوال لهؤلاء الكفار؟ وبالجملة فصفات الكمال مختلفة متفاوتة محبوبة لذاتها موزعة على الخلق، فلا تجتمع في إنسان واحد ألبتة، فكل أحد يحسد صاحبه على ما آتاه الله تعالى من صفات الكمال. {لِيَقُولُوا}؛ أي: لتكون عاقبة أمرهم أن يقول المفتونون من الأقوياء والأغنياء والشرفاء في شأن الضعفاء والفقراء من المؤمنين {أَهَؤُلَاءِ} الصعاليك من العبيد والموالي والفقراء والمساكين {مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}؛ أي: أنعم الله عليهم بهذه النعمة العظيمة التي هي نعمة الإِسلام ومتابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وخصهم بها {مِنْ بَيْنِنَا}؛ أي: دوننا، أو من جملتنا، أو مجموعنا، ونحن الأكابر والرؤساء، وهم المساكين والضعفاء؟ والاستفهام فيه للإنكار بأن يخص الله تعالى هؤلاء الفقراء من بينهم بإصابة الحق، والسبق إلى الخير، فكأنهم أنكروا أن يكونوا سبقوهم بفضيلة.
والخلاصة (١): أن ذلك لن يكون لأنهم هم المفضلون عند الله تعالى بما آتاهم من غنى وثروة وجاه وقوة، فلو كان هذا الدين خيرًا .. لمنحهم إياه دون هؤلاء الضعفاء كما أعطاهم من قبل الجاه والثروة. وقد حكى الله عنهم مثل هذا بقوله:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ}. ثم رد الله سبحانه وتعالى عليهم مقالتهم الدالة على العتو والاستكبار بقوله:{أَلَيْسَ اللَّهُ} سبحانه وتعالى {بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} لنعمه - فيوفقهم ويهديهم - من الكافرين لها، فيخذلهم ويحرمهم منها حتى تستبعدوا إنعامه عليهم؛ أي: إن المستحق لمن الله وزيادة نعمه إنما هو من يقدِّرها قدرها، ويعرف حق المنعم بها، فيشكره عليها، لا من سبق الإنعام عليه فكفر وبطر وعتا واستكبر. والاستفهام في {أَلَيْسَ} للتقرير؛ أي: إنه تعالى كذلك، وبهذا مضت سنة الله في عباده، ولولا هذا لكانت النعم خالدة لا تنزع ممن أوتيها - وإن كفر بها - وهل فتن أولئك الكبراء إلا بما حصل لهم من الغنى والقوة، فظنوا جهلًا منهم بسنة الله في أمثالهم أنه تعالى ما