بمعنى: مضروب، والحميم: الماء الشديد الحرارة، وأليم: شديد الألم، فكلاهما صيغة مبالغة على وزن فعيل.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات أنواعًا من البلاغة والفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الاستعارة التصريحية في قوله: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ}؛ لأنه استعار المفاتح للأمور الغيبية، كأنها مخازن خزنت فيها المغيبات، قال الزمخشري: جعل للغيب مفاتح على طريق الاستعارة؛ لأن المفاتح يتوصل بها إلى ما في المخازن المغلقة بالأقفال، فهو سبحانه العالم بالمغيبات وحده، وفي قوله:{وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ}، فإنه استعار التوفي من الموت للنوم؛ لأن التوفي حقيقة في الموت لما بينهما من المشاركة في زوال الإحساس والتمييز.
ومنها: الترشيح في قوله: {ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ} وهو ذكر ما يلائم المستعار منه. قال القاضي: أطلق البعث ترشيحًا للتوفي؛ أي: لما استعير التوفي من الموت للنوم .. كان البعث - الذي هو في الحقيقة الإحياء بعد الموت - ترشيحًا؛ لأنه أمر يلائم المستعار منه اهـ "كرخي".
ومنها: الاستعارة التصريحية في قوله: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}؛ لأنه استعار الظلمات المعطلة لحاسة البصر للشدائد الهائلة التي تبطل الحواس وتدهش العقول، وفي قوله:{وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ}؛ لأن الذوق حقيقة في المذوقات.
ومنها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا}؛ لأن الخوض حقيقة في الانغماس في الماء، فاستعير للأخذ في الحديث والشروع فيه على وجه اللعب واللهو، وقيل: الخوض كناية عن الاستهزاء بها والطعن فيها.
ومنها: الحصر في مواضع، كقوله:{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ}؛ لأن تقديم الخبر على المبتدأ يفيد حصره في الخبر، وكقوله:{ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ}، وقوله: