للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على الإتيان بمثل هذا القرآن، وهذا الوعيد يتضمن الشهادة بصدق النبي - صلى الله عليه وسلم -. ذلك أن من كان يؤمن باللهِ واليوم الآخر إذا لم يكن له بد من الإيمان بأنَّ القرآن من عند الله، ومن الاهتداء به .. فأكمل الناس إيمانًا بالدار الآخرة وما فيها من الجزاء - وهو محمَّد - صلى الله عليه وسلم - لا يمكن أن يعرض نفسه لمنتهى الظلم الذي يستحق عليه أشد العذاب.

أسباب النزول

قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ...} الآية سبب نزولها: ما أخرجه (١) ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: جاء رجل من اليهود يقال له مالك بن الصيف، فخاصم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى، هل تجد في التوراة أن الله يبغض الحبر السمين" - وكان حبرًا سمينًا - فغضب وقال: ما أنزل الله على بشر من شيء، فقال له أصحابه: ويحك، ولا على موسى؟ فقال: واللهِ ما أنزل الله على بشر من شيء، فلما سمع قومه تلك المقالة .. قالوا: ويلك! ما هذا الذي بلغنا عنك، أليس الله أنزل التوراة على موسى؟ فلِمَ قلت هذا؟! قال: أغضبني محمَّد فقلته، فقالوا: وأنت إذا غضبت تقول على الله غير الحق، فعزلوه من الحبرية وعن رياستهم لأجل هذا الكلام، وجعلوا مكانه كعب بن الأشرف، فأنزل الله: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ...} الآية، مرسل.

وأخرج ابن جرير من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال: قالت اليهود: ما أنزل الله من السماء كتابًا، فأنزلت هذه الآية: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}.

وقوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ ...} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه ابن جرير عن عكرمة قال: قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ} نزل في مسيلمة. {وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} قال: نزل في عبد الله بن سعد بن أبي سرح، كان يكتب للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فيملي عليه عزيز حكيم،


(١) لباب النقول.