للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

درجات الخصوصية، فبعض النبيين أعطي الثلاث؛ كإبراهيم وموسى وعيسى وداود، قال تعالى حكاية عن إبراهيم: {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا}، فهو قد دعا هذا الدعاء وهو رسول عليهم بعد محاجة قومه. وقال حكاية عن موسى: {فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ}. وقال عز اسمه: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ}. وقال في داود وسليمان معًا: {وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا}. ومنهم من أوتي الحكم والنبوة، كالأنبياء الذين كانوا يحكمون بالتوراة، ومنهم من لم يؤت إلا النبوة فقط.

والخلاصة: أن كل من أوتي الكتاب .. أوتي الحكم والنبوة، وكل من أوتي الحكم ممن ذكر .. كان نبيًّا، وما كان نبي منهم كان حاكمًا ولا صاحب كتاب منزل. وهذه هي مراتب الفضل بينهم صلوات الله وسلامه على نبينا وعليهم.

{فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا}؛ أي: بهذه الثلاث: الكتاب والحكم والنبوة، أو بآيات القرآن {هَؤُلَاءِ} المشركون من أهل مكة وغيرهم {فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا}؛ أي: برعايتها؛ أي: وفقنا للإيمان بها والقيام بحقوقها، وتولي نصر الداعي إليها. {قَوْمًا} كرامًا {لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ}؛ أي: ليسوا بكافرين بها، فمنهم من آمن بها، ومنهم من سيؤمن بها عند ما يدعى إليها. فالباء (١) في قوله: {لَيْسُوا بِهَا} صلة وفي {بِكَافِرِينَ} لتأكيد النفي. وعبارة "الجمل": قوله: {لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ}؛ أي: في وقت من الأوقات، بل هم مستمرون على الإيمان بها، فإن الجملة الإسمية الإيجابية كما تفيد دوام الثبوت كذلك السلبية تفيد دوام النفي بمعونة المقام، لا نفي الدوام كما حقق في مقامه. اهـ "أبو السعود" انتهت.

أخرج ابن (٢) جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ} يعني: أهل مكة: {فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ} يعني: أهل المدينة والأنصار. اهـ.


(١) النسفي.
(٢) المراغي.