{وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} لام كي، وهي لام العلة، وضابطها: هي التي كان ما بعدها علة لما قبلها، والضمير فيه للآيات بتأويلها بالقرآن؛ أي: وكذلك نصرف الآيات ليهتدوا بها, وليقولوا درست، ولنبين تلك الآيات التي هي القرآن لقوم لديهم الاستعداد للعلم بما تدل عليه الآيات من الحقائق، وما يترتب على الاهتداء بها من السعادة دون أن يكون لديهم معارض من تقليد أو عناد.
والحاصل: أن لتصريف الآيات ثلاث فوائد:
١ - أن يهتدي بها المستعدون للإيمان.
٢ - وأن يقول الجاحدون: درست.
٣ - وأن نبينها لقوم يعلمون.
والحاصل: أنه علل تبيين الآيات بعلل ثلاث: أولاها محذوفة، واللام في الأولى والأخيرة لام العلة حقيقة بخلافها في الثانية، فهي لام العاقبة كما مرَّ آنفًا.
والخلاصة: أن الذين يقولون للرسول إنك درست هم الجاهلون الذين لم يفهموا تلك الآيات التي صرفها الله تعالى على ضروب مختلفة، ولم يفقهوا سرها وما يجب من إيثارها على منافع الدنيا، وأما الذين يعلمون مدلولاتها وحسن عاقبة الاهتداء بها .. فهم الذين يتبين لهم بتأملها حقيقة القرآن، وما اشتمل عليه من حسن التصرف المؤيد بالحجة والبرهان.
فصل
وفي {دَرَسْتَ} قراءات (١)، قرأ أبو عمرو وابن كثير:{دَارَسْتَ} بألف بين الدال والراء وسكون السين وفتح التاء، كفاعلت، وهي قراءة علي وابن عباس وسعيد ابن جبير ومجاهد وعكرمة وأهل مكة، والمعنى عليها: دارست يا محمد أهل الكتاب ودارسوك؛ أي: ذاكرتهم وذاكروك. وقرأ ابن عامر ويعقوب وجماعة من غير السبعة:{دَرَسْتَ} بفتح السين وإسكان التاء من غير ألف، كخرجت