{كَلِمَةُ} بالإفراد في جميع ذلك. وقد ذكرت العرب الكلمة وأرادت بها الكثرة، يقولون: قال قس في كلمته؛ أي: في خطبته، وزهير في كلمته؛ أي: في قصيدته. فمن قرأ بالإفراد .. قال: الكلمة قد يراد بها الكلمات الكثيرة، ومن قرأ بالجمع .. قال: لأن الله تعالى قال في سياق الآية: {لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ}، فوجب الجمع في اللفظ الأول إتباعا للثاني، وترسم بالتاء المجرورة على كل من قراءة الجمع وقراءة الإفراد، وكذا كل موضع اختلف فيه القراء جمعا وإفرادا، فإنه يكتب بالتاء المجرورة على كل من القراءتين باتفاق المصاحف إلا موضعين من ذلك، فقد اختلف فيهما المصاحف:
أحدهما: في يونس في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ}.
وقوله:{صِدْقًا وَعَدْلًا} تمييز لـ {كَلِمَةُ}؛ أي: تمت كلمات ربك وأقضيته من جهة الصدق فيما وعد وأوعد، ومن جهة العدل فيما أمر ونهى، أو المعنى: تمت كلمات ربك وقرآنه من جهة الصدق فيما أخبر عن القرون الماضية والأمم الخالية، وعما هو كائن إلى قيام الساعة، ومن جهة العدل في أحكامه من الأمر والنهي والحلال والحرام، وسائر الأحكام. ويصح كون {صِدْقًا وَعَدْلًا} حالا من (الكلمة)؛ أي: حالة كونها صادقة فيما أخبرت، وعادلة فيما أمرت ونهت، ويصح كونهما حالا من {رَبِّكَ}؛ أي: حالة كونه صادقا فيما وعد وأوعد، وعادلا فيما أمر ونهى. {لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ}؛ أي: لا مغير لأقضيته، ولا راد لأحكامه وأقداره، ولا خلف لمواعيده، أو لا مبدل لكلمات القرآن، فلا يلحقها تغيير لا في المعنى ولا في اللفظ؛ أي: لا أحد يبدل شيئا من القرآن بما هو أصدق منه وأعدل، ولا بما هو مثله، ولا يقدر المفترون على الزيادة فيه والنقصان منه لا في اللفظ ولا في المعنى، وفي هذا ضمان من الله تعالى لحفظ القرآن كقوله:{وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ}. وفي «الخازن» لما وصفها بالتمام، وهو في