فلو رفع السّماء إليه قوما ... لحقنا بالسّماء مع السّحاب
وأصل السماء: السماو من السمو، أبدلت فيه الواو همزة لمّا تطرّفت إثر ألف زائدة، وهذا القلب مطرد فيها، وفي الياء المتطرفة أيضا بعد ألف زائدة، كما سيأتي إن شاء الله تعالى في مادّة البناء، وقد تقدم عند قوله:{سَواءٌ عَلَيْهِمْ}.
{مُحِيطٌ} وزنه: مفعل اسم فاعل من أحاط الرباعيّ، فأصله: محوط واويّ العين، إذ يقال: حاطه يحوطه حوطا وحوّط تحويطا، فالمصدر ظهرت فيه الواو، ولمّا كان أصله محرط، نقلت حركة الواو إلى الحاء، فسكنت الواو إثر كسرة، فقلبت ياء حرف مدّ.
{يَكادُ الْبَرْقُ} أصله: يكود بفتح العين بوزن يفعل؛ لأنّ الصحيح أنّه من باب فعل مكسور العين، نقلت حركة حرف العلّة إلى الساكن الصحيح قبله، ثمّ أبدلت الواو ألفا؛ لتحركها في الأصل، وانفتاح ما قبلها الآن.
{كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} أصله: مشيوا بوزن ضربوا، قلبت الياء ألفا؛ لتحركها بعد فتح، فالتقى ساكنان: الألف وواو الجماعة، فحذفت الألف. {وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا} أصل قام قوم، بوزن فعل، قلبت الواو ألفا؛ لتحركها بعد فتح، ثمّ أسند الفعل إلى واو الجماعة، فضمّ آخره. {وَلَوْ شاءَ اللَّهُ} أصله: شيء بوزن فعل بكسر العين، تحركت الياء وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، دلّ على ذلك كون مضارعه يشاء، وسيأتي بيان تصريف مضارعه إن شاء الله تعالى في محلّه.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبا من البلاغة، وأنواعا من الفصاحة، والبيان، والبديع:
فمنها: الإتيان بالجملة الاسمية في قوله: {وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}، حيث لم يقل: وما آمنوا المطابق لقوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ}؛ لإفادة انتفاء الإيمان عنهم في جميع الأزمنة؛ لإفادتها الدوام والاستمرار؛ أي: لم يتصفوا