في الشر والذنوب، ويقال: خرج يقترف لأهله؛ أي: يكتسب لهم، وقارف فلان الأمر؛ أي: واقعه، وقرفه بكذا رماه بريبة، واقترف كذبا، وأصله اقتطاع قطعة من الشيء.
{أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا} والحكم: من يتحاكم إليه الناس ويرضون حكمه {مُفَصَّلًا}؛ أي: مبينا فيه الحق والباطل، والحلال والحرام إلى غير ذلك من الأحكام {مِنَ الْمُمْتَرِينَ}؛ أي: المترددين الشاكين.
{وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} والكلمة هنا: إما القرآن أو القضاء كما مر، وتمام الشيء كما قال الراغب: انتهاؤه إلى حد لا يحتاج معه إلى شيء خارج عنه، وتمامها هنا أنها كافية وافية في الإعجاز والدلالة على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، والصدق: يكون في الإخبار، - ومنها المواعيد - والعدل: يكون في الأحكام، والتبديل: التغيير بالبدل.
{وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} يقال: خرص يخرص - من باب نصر - إذا حزر وقال بغير تيقين ولا علم ومنه: خرص بمعنى كذب وافترى خرصا وخروصا، وقال الأزهري: وأصله التظني فيما لا يستيقن، وأصل الخرص القطع، ومنه خرص النخل يخرص إذا حزره ليأخذ منه الزكاة، فالخارص يقطع بما لا يجوز القطع به؛ إذ لا يقين منه، والمعنى؛ أي: وما هم إلا يحدسون ويقدرون، وإذا كان هذا حال أكثر من في الأرض .. فالعلم الحقيقي هو عند الله تعالى، فاتبع ما أمرك به، ودع عنك طاعة غيره وهو العالم بمن يضل عن سبيله ومن يهتدي إليه.
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ ...} إلخ. قال بعض أهل العلم (١): إن أعلم في الموضعين بمعنى يعلم. قال: ومنه قول حاتم الطائي:
فحالفت طيّء من دوننا حلفا ... والله أعلم ما كنّا لهم خولا
والوجه في هذا التأويل أن أفعل التفضيل لا ينصب الاسم الظاهر، فتكون من منصوبة بالفعل الذي جعل أفعل التفضيل نائبا عنه، وقيل: إن أفعل التفضيل