للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والغنم، ومن سائر أموالهم {نَصِيبًا}؛ أي: حظا وقسما معينا يصرفونه إلى الضيفان والمساكين، وجعلوا نصيبا من ذلك لمن أشركوا معه من الأوثان والأصنام ينفقونه على سدنتها، وفي قرابين يذبحون عندها، دل (١) على هذا المحذوف تفصيله القسمين فيما بعد، وهو قوله: {هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا}. {فَقالُوا} في النصيب الأول {هذا لِلَّهِ}؛ أي: نتقرب به إليه {بِزَعْمِهِمْ}؛ أي: بكذبهم وافترائهم على الله تعالى متعلق بـ {قالوا}، وإنما نسبوا (٢) للكذب في هذه المقالة مع أن كل شيء لله؛ لأن هذا الجعل لم يأمرهم الله به، فهو مجرد اختراع منهم {وَ} قالوا في النصيب الثاني {هذا لِشُرَكائِنا}؛ أي: لمعبوداتنا نتقرب به إليها. ومعنى قوله: {بِزَعْمِهِمْ}؛ أي: بقولهم الذي لا بينة لهم عليه، ولا هدي من الله إذ جعله قربة لله يجب أن يكون خالصا له وحده لا يشرك معه غيره فيه، وأن يكون بإذنه لأنه دين والدين لله ومن الله وحده، فهذا زعم مخترع لا دين مشترع، فيكون باطلا.

وقد روي أنهم كانوا يجعلون نصيب الله لقرى الضيفان، وإكرام الصبيان والتصدق على المساكين، ونصيب الهتهم لسدنتها وقرابينها، وما ينفق على معابدها، ثم (٣) إن رأوا ما عينوه لله أزكى بدلوه بما لآلهتهم، فأعطوا نصيب الله لسدنة الأصنام، وإن رأوا ما لآلهتهم أزكى تركوه لها، فلم يصرفوه للمساكين، بل يصرفونه للسدنة، وكان إذا أصابهم قحط استعانوا بما جعلوه لله وأكلوا منه ووفروا ما جعلوه لآلهتهم، ولم يأكلوا منه، وإذا هلك ما جعلوه لها أخذوا بدله مما جعلوه لله، ولا يفعلون كذلك فيما جعلوه لها، وإن سقط شيء مما جعلوه لله في نصيب الأوثان تركوه، وقالوا: إن الله غني عن هذا، وإن سقط شيء مما جعلوه للأصنام في نصيب الله أخذوه وردوه إلى نصيب الصنم، وقالوا: إنه فقير.

وقرأ الكسائي ويحيى بن وثاب والسلمي والأعمش (٤): {بزعمهم}: - بضم الزاي - وهي لغة بني أسد، وقرأ الباقون بفتحها؛ وهي لغة أهل الحجاز وهما


(١) زاده.
(٢) بيضاوي.
(٣) المراح.
(٤) البحر المحيط والشوكاني.