للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لهم عذرا عند الله تعالى، وافتتح هذا التنبيه والتذكير بذكر ما يشبه القرآن في التشريع ويسير على نهجه في الهداية، وهو كتاب موسى عليه السلام الذي اشتهر عند مشركي العرب، وعرفوا بالسماع خبره.

قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما (١) بين أنه إنما أنزل الكتاب إزالة للعذر وإزاحة للعلة، وقرن هذا الإعذار بالإنذار الشديد والوعيد بسوء العذاب .. أردف ذلك ببيان أنه لا أمل في إيمانهم البتة، وفصل ما أمامهم وأمام غيرهم من الأمم وما ينتظرونه في مستقبل أمرهم، وأنه غير ما يتمنون من موت الرسل وانطفاء نور الإسلام بموته صلوات الله وسلامه عليه.

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعًا ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى، لما وصى (٢) هذه الأمة على لسان رسوله باتباع صراطه المستقيم، ونهى عن اتباع غيره من السبل، ثم ذكر شريعة التوراة المشابهة لشريعة القرآن ووصاياه، ثم تلا ذلك تذكيره لهم ولسائر المخاطبين بالقرآن بما ينتظر آخر الزمان من الحوادث الكونية للأفراد والأمم .. أردف ذلك بتذكير هذه الأمة بما هي عرضة له بحسب سنن الاجتماع من إضاعة الدين بعد الاهتداء بالتفرق فيه بالمذاهب والآراء والبدع التي تجعلها أحزابا وشيعا تتعصب كل منها لمذهب أو إمام، فيضيع الحق وتنفصم عرى الوحدة، وتصبح بعد أخوة الإيمان أمما متعادية كما حدث لمن قبلهم من الأمم.

قوله تعالى: {مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما بين في السورة أصول الإيمان وأقام عليها البراهين، وفند ما يورده الكفار من الشبهات، ثم ذكر في الوصايا العشر أصول الفضائل والآداب التي يأمر بها الإسلام وما يقابلها من الرذائل والفواحش التي ينهى عنها .. بين هنا الجزاء العام في الآخرة على الحسنات؛ وهي الإيمان


(١) المراغي.
(٢) المراغي.