يقابل ذلك من الصفات الرذيلة كالرياء، وحب الشهرة الباطلة، والمن والأذى.
والحاصل: أن العشرة تعطى لكل من أتى بالحسنة، والمضاعفة فوقها تختلف بحسب مشيئته تعالى بما يعلم من أحوال المحسنين، فمن بذل الدرهم ونفسه كئيبة على فقده .. لا تكون حاله كمن يبذله طيبة به نفسه، مسرورة بتوفيق الله تعالى على عمل الخير، ونيل ثواب الآخرة، واعلم أن المضاعفة تابعة للإخلاص، فكل من عظم إخلاصه .. كانت مضاعفة حسناته أكثر {وَمَنْ جاءَ} ربه يوم القيامة {بـ} الخصلة {السيئة} والأعمال القبيحة {فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها} من دون زيادة عليها على قدرها في الخفة والعظم، فالمشرك يجازى على سيئة الشرك بخلوده في النار، وفاعل المعصية من المسلمين يجازى عليها بمثلها مما ورد تقديره من العقوبات، كما ورد بذلك كثير من الأحاديث المصرحة بأن من عمل كذا فعليه كذا، وما لم يرد لعقوبته تقدير من الذنوب .. فعلينا أن نقول: يجازيه الله بمثله وإن لم نقف على حقيقة ما يجازى به، وهذا إن لم يتب. أما إذا تاب، أو غلبت حسناته سيئاته، أو تغمده برحمته وتفضل عليه بمغفرته .. فلا مجازاة، وأدلة الكتاب والسنة مصرحة بهذا تصريحا لا يبقى معه ريب لمرتاب. {وَهُمْ}؛ أي: عاملوا الحسنات وعاملوا السيئات {لا يُظْلَمُونَ} بنقص ثواب حسنات المحسنين، ولا بزيادة عقوبات المسيئين، فالزيادة في الحسنات من باب الفضل، والمجازاة بالمثل في السيئات من باب العدل. أي: أن كلا الفريقين فاعلي الحسنات، وفاعلي السيئات لا يظلم يوم الجزاء، لا من الله - لأنه منزه عن الظلم عقلا ونقلا، فقد روى مسلم من حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه إنه قال:«يا عبادي: إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا» الحديث - ولا من غيره؛ إذ لا سلطان لأحد من خلقه، ولا كسب في ذلك اليوم يمكنه من الظلم، كما يفعل الأقوياء الأشرار في الدنيا بالضعفاء.
فصل في الأحاديث المناسبة للآية
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أحسن أحدكم إسلامه، فكل حسنة يعملها تكتب له بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف، وكل سيئة