للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بمكة لدعوة المشركين إلى الإسلام وإثبات النبوة والوحي، وما نزل منها بالمدينة كالزهراوين البقرة وآل عمران؛ فالدعوة فيها موجهة إلى أهل الكتاب، وهكذا الحال في بعض السور كمريم والعنكبوت والروم وص ون، فإن ما فيها يتعلق بإثبات النبوة والكتاب كالفتنة في الدين بإيذاء الضعفاء؛ لإرجاعهم عن دينهم بالقوة القاهرة، والإنباء بقصص فارس والروم، ونصر الله للمؤمنين على المشركين، وكان هذا من أظهر المعجزات الدالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ويرى بعض العلماء أنها أسماء للسور والأسماء المرتجلة لا تعلل، كما يرى آخرون أن الحكمة في ذكرها بيان إعجاز القرآن بالإشارة إلى أنه مركب من هذه الأحرف المفردة التي يتألف منها الكلام العربي، ومع ذلك لا يستطيعون أن يأتوا بمثله ليؤديهم النظر إلى أنه ليس من كلام البشر، بل من كلام خالق القوى والقدر.

وروي (١) عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال معناه: أنا الله أفصّل، وعنه: أنا الله أعلم وأفصّل، وعنه: أن {المص (١)} قسم أقسم الله به، وهو اسم من أسماء الله تعالى. وقال قتادة: {المص (١)} اسم من أسماء القرآن. وقال الحسن: هو اسم للسورة. وقال السدي: هو بعض اسمه تعالى المصور. وقال أبو العالية: الألف مفتاح اسمه الله، واللام مفتاح اسمه لطيف، والميم مفتاح اسمه مجيد، والصاد مفتاح اسمه صادق وصبور. وقيل: هي حروف مقطعة استأثر الله سبحانه وتعالى بعلمها، وهي سره في كتابه العزيز؛ وهذا القول هو الأصح الأسلم. وقيل: هي حروف اسمه الأعظم. وقيل هي حروف تحتوي معاني دل الله بها خلقه على مراده، وقد بسط الكلام على معاني الحروف المقطعة أوائل السور في أول سورة البقرة. قال أبو حيان (٢): وهذه الأقوال في الحروف المقطعة، لولا أن المفسرين شحنوا بها كتبهم خلفا عن سلف .. ضربنا عن ذكرها صفحا، فإن ذكرها يدل على ما لا ينبغي ذكره من تأويلات الباطنية، وأصحاب الألغاز والرموز.


(١) الخازن.
(٢) البحر المحيط.